بحضرته ورد الحادثة إلى نظائرها ليستبرئ حاله في اجتهاده وهل هو موضع لذلك ولكن إن أخطأ وترك طريق النظر أعلمه وسدده وكان يعلمهم وجوب الاجتهاد في أحكام الحوادث بعده فالاجتهاد بحضرته على هذا الوجه سائغ كما حدثنا عبدالباقي بن قانع قال حدثنا أسلم بن سهل قال حدثنا محمد بن خالد بن عبدالله قال حدثنا أبي عن حفص بن سليمان عن كثير بن شنظير عن أبي العالية عن عقبة بن عامر قال جاء خصمان إلى رسول الله ص - فقال اقض بينهما يا عقبة قلت يا رسول الله أقضي بينهما وأنت حاضر قال اقض بينهما فإن أصبت فلك عشر حسنات وإن أخطأت فلك حسنة واحدة فأباح له النبي ص - الاجتهاد بحضرته على الوجه الذي ذكرنا وأمر النبي ص - لمعاذ وعقبة بن عامر بالاجتهاد صدر عندنا عن الآية وهو وقوله تعالى فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول لأنا متى وجدنا من النبي ص - حكما مواطئا لمعنى قد ورد به القرآن حملناه على أنه حكم به عن القرآن وأنه لم يكن حكما مبتدأ من النبي ص - كنحو قطعه السارق وجلده الزاني وما جرى مجراهما فقول القائل إن الاجتهاد في أحكام الحوادث لم يكن سائغا في زمن النبي ص - وأن رد المتنازع فيه إلى الكتاب والسنة كان واجبا حينئذ فدل على أن المراد به ترك الاختلاف والتنازع والتسليم للمنصوص عليه في الكتاب والسنة غير صحيح وأما الحال التي لم يكن يسوغ الاجتهاد فيه في حياة النبي ص - فهو أن يجتهد بحضرته على جهة إمضاء الحكم والاستبداد بالرأي لا على الوجه الذي قدمناه فهذا لعمري اجتهاد مطرح لا حكم له ولم يسوغ ذلك لأحد والله أعلم .
باب طاعة الرسول ص - .
قال الله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وقال تعالى وما أرسلنا من رسول إلا ليطاع بإذن الله وقال تعالى ومن يطع الرسول فقد أطاع الله وقال تعالى فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما فأكد جل وعلا بهذه الآيات وجوب طاعة رسول الله ص - وأبان أن طاعته إطاعة الله وأفاد بذلك أن معصيته معصية الله وقال الله تعالى فليحذر الذين يخالفون عن أمره أن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم فأوعد على مخالفة أمر الرسول وجعل مخالف أمر الرسول والممتنع من تسليم ما جاء به والشاك فيه خارجا من الإيمان