يكون بدلا فصار أصلا في أن بدل البضع شرطه أن يستحق به تسليم مال .
فإن قيل إن منافع بضع الأمة حق في مال فهلا كانت كالتزويج على خدمة العبد قيل له لأن خدمة العبد يستحق بها تسليم مال وهو رقبة العبد كالمستأجر له يستحق تسليم العبد إليه للخدمة وزوج الأمة لا يستحق تسليمها إليه بعقد النكاح لأن للمولى أن لا يبوئها بيتا وقوله تعالى أن تبتغوا بأموالكم قد اقتضى أن يستحق عليه بعقد النكاح تسليم مال بدلا من البضع وأما التزويج على تعليم سورة من القرآن فإنه لا يصح مهرا من وجهين أحدهما ما ذكرنا من أنه لا يستحق به تسليم مال كخدمة الحر والوجه الآخر أن تعليم القرآن فرض على الكفاية فكل من علم إنسانا شيئا من القرآن فإنما قام بفرض وقد روى عبدالله بن عمر عن النبي ص - أنه قال بلغوا عني ولو آية فكيف يجوز أن يجعل عوضا للبضع ولو جاز ذلك لجاز التزويج على تعليم الإسلام وهذا باطل لأن ما أوجب الله تعالى على الإنسان فعله فهو متى فعله فعله فرضا فلا يستحق أن يأخذ عليه شيئا من أعراض الدنيا ولو جاز ذلك لجاز للحكام أخذ الرشى على الحكم وقد جعل الله ذلك سحتا محرما فإن احتج محتج بحديث سهل بن سعد في قصة المرأة التي قالت للنبي ص - قد وهبت نفسي لك فقال رجل زوجنيها إلى أن قال هل معك من القرآن شيء قال نعم سورة كذا فقال ص - قد زوجتكها بما معك من القرآن وبما حدثنا محمد بن بكر قال حدثنا أبو داود قال حدثنا أحمد بن حفص بن عبدالله قال حدثني أبي قال حدثني إبراهيم بن طهمان عن الحجاج الباهلي عن عسل عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة بنحو قصة سهل بن سعد في أمر المرأة وقال فيه ما تحفظ من القرآن قال سورة البقرة أو التي تليها قال قم فعلمها عشرين آية وهي امرأتك قيل له معناه لما معك من القرآن كما قال تعالى ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون ومعناه لما كنتم تفرحون وأيضا كون القرآن معه لا يوجب أن يكون بدلا والتعليم ليس له ذكر في هذا الخبر فعلمنا أن مراده أني زوجتك تعظيما للقرآن ولأجل ما معك من القرآن وهو كما روى عبدالله بن عبدالله بن أبي طلحة عن أنس قال خطب أبو طلحة أم سليم فقالت إني آمنت بهذا الرجل وشهدت أنه رسول الله فإن تابعتني تزوجتك قال فأنا على ما أنت عليه فتزوجته فكان صداقها الإسلام ومعناه أنها تزوجته لأجل إسلامه لأن الإسلام لا يكون صداقا لأحد في