جعل قوله تعالى إلا ما قد سلف فإنه يسلم منه بالإقلاع عنه والتوبة منه قال أبو بكر والأولى حمله على أنه فاحشة بعد نزول التحريم لأن ذلك مراد عند الجميع لا محالة ولم تقم الدلالة على أن حجة السمع قد قامت عليهم بتحريمه من جهة الرسل المتقدمين فيستحقون اللوم عليه ويدل عليه قوله تعالى إلا ما قد سلف وظاهره يقتضي نفي المؤاخذة بما سلف منه فإن قيل هذا يدل على أن من عقد نكاحا على امرأة أبيه ووطئها كان وطؤه زنا موجبا للحد لأنه سماها فاحشة وقال الله تعالى ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا قيل له الفاحشة لفظ مشترك يقع على كثير من المحظورات .
وقد روي في قوله تعالى إلا أن يأتين بفاحشة مبينة أن خروجها من بيته فاحشة وروي أن الفاحشة في ذلك أن تستطيل بلسانها على أهل زوجها وقيل فيها أنها الزنا فالفاحشة اسم يتناول مواقعة المحظور وليس يختص بالزنا دون غيره حتى إذا أطلق فيه اسم الفاحشة كان زنا وما كان من وطء عن عقد فاسد فإنه لا يسمى زنا لأن المجوس وسائر المشركين المولودين على مناكحاتهم التي هي فاسدة في الإسلام لا يسمون أولاد زنا والزنا اسم لوطء في غير ملك ولا نكاح ولا شبهة عن واحد منهما فأما إذا صدر عن عقد فإن ذلك لا يسمى زنا سواء كان العقد فاسدا أو صحيحا .
وقوله تعالى ومقتا وساء سبيلا يعني أنه مما يبغضه الله تعالى ويبغضه المسلمون وذلك تأكيد لتحريمه وتقبيحه وتهجين فاعله وبين أنه طريق سوء لأنه يؤدي إلى جهنم قوله تعالى حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم إلى آخر الآية حدثنا عبدالباقي بن قانع قال حدثنا محمد بن الفضل بن سلمة قال حدثنا سنيد بن داود قال حدثنا وكيع قال حدثنا علي بن صالح عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال قوله تعالى حرمت عليكم أمهاتكم إلى قوله تعالى وبنات الأخت قال حرم الله هذه السبع من النسب ومن الصهر سبع ثم قال كتاب الله عليكم وأحل لكم ما وراء ذلكم ما وراء هذا النسب ثم قال وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من الرضاعة إلى قوله تعالى والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم يعني السبي قال أبو بكر قوله حرمت عليكم عموم في جميع ما يتناوله الاسم حقيقة ولا خلاف أن الجدات وإن بعدن محرمات واكتفى بذكر الأمهات لأن اسم الأمهات يشملهن كما ان اسم الآباء يتناول الأجداد وإن بعدوا وقد عقل من قوله تعالى ولا تنكحوا ما نكح أباؤكم من النساء