به فإن عمل به كتب له به عشر حسنات وإن هو لم يقدر يعمل به كتب له به حسنة من أجل أنه مؤمن وأن الله رضى بسر المؤمنين وعلانيتهم وإن كان شرا حدث به نفسه اطلع الله عليه أخبر به يوم تبلى السرائر فإن هو لم يعمل به لم يؤاخذه الله به حتى يعمل به فإن هو عمل به تجاوز الله عنه كما قال أولئك الذين نتقبل عنهم أحسن ما عملوا ونتجاوز عن سيئاتهم وهذا على معنى قوله إن الله عفا لأمتي عما حدثت به أنفسها مالم يتكلموا به أو يعملوا به قوله تعالى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها فيه نص على أن الله تعالى لا يكلف أحدا مالا يقدر عليه ولا يطيقه ولو كلف أحدا مالا يقدر عليه ولا يستطيعه لكان مكلفا له ما ليس في وسعه ألا ترى قول القائل ليس في وسعي كيت وكيت بمنزلة قوله لا أقدر عليه ولا أطيقه بل الوسع دون الطاقة ولم تختلف الأمة في أن الله لا يجوز أن يكلف الزمن المشي والأعمى البصر والأقطع اليدين البطش لأنه لا يقدر عليه ولا يستطيع فعله ولا خلاف في ذلك بين الأمة وقد وردت السنة عن رسول الله ص - أن من لم يستطع الصلاة قائما فغير مكلف للقيام فيها ومن لم يستطعها قاعدا فغير مكلف للقعود بل يصليها على جنب يومئ إيماء لأنه غير قادر عليها إلا على هذا الوجه ونص التنزيل قد أسقط التكليف عمن لا يقدر على الفعل ولا يطيقه وزعم قوم جهال نسبت إلى الله فعل السفه والعبث فزعموا أن كل ما أمر به أحد من أهل التكليف أو نهى عنه فالمأمور به منه غير مقدور على فعله والمنهي عنه غير مقدور على تركه وقد أكذب الله قيلهم بما نص عليه من أنه لا يكلف الله نفسا إلا وسعها مع ما قد دلت عليه العقول من قبح تكليف ما لا يطاق وإن العالم بالقبيح المستغنى عن فعله لا يقع منه فعل القبيح ومما يتعلق بذلك من الأحكام سقوط الفرض عن المكلفين فيما لا تتسع له قواهم لأن الوسع هو دون الطاقة وأنه ليس عليهم استفراغ المجهود في أداء الفرض نحو الشيخ الكبير الذي يشق عليه الصوم ويؤديه إلى ضرر يلحقه في جسمه وإن لم يخش الموت بفعله فليس عليه صومه لأن الله لم يكلفه إلا ما يتسع لفعله ولا يبلغ به حال الموت وكذلك المريض الذي يخشى ضرر الصوم وضرر استعمال الماء لأن الله قد أخبر أنه لا يكلف أحدا إلا ما اتسعت له قدرته وإمكانه دون ما يضيق عليه ويعنته وقال الله تعالى ولو شاء الله لأعنتكم وقال في صفة النبي ص - عزيز عليه ما عنتم فهذا حكم مستمر في سائر أوامر الله وزواجره ولزوم التكليف فيها على ما يتسع له ويقدر