وماروت وما يعلمان من أحد حتى يقولا إنما نحن فتنة فلا تكفر فأخبر عن الملكين أنهما يقولان لمن يعلمانه ذلك لا تكفر بعمل هذا السحر واعتقاده فثبت أن ذلك كفر إذا عمل به واعتقده ثم قال ولقد علموا لمن اشتراه ماله في الآخرة من خلاق يعني والله أعلم من استبدل السحر بدين الله ماله في الآخرة من خلاق يعني من نصيب ثم قال ولبئس ما شروا به أنفسهم لو كانوا يعلمون ولو أنهم آمنوا واتقوا لمثوبة من عند الله خير لو كانوا يعلمون فجعل ضد هذا الإيمان فعل السحر لأنه جعل الإيمان في مقابلة فعل السحر وهذا يدل على أن الساحر كافر وإذا ثبت كفره فإن كان مسلما قبل ذلك أو قد ظهر منه الإسلام في وقت كفره بفعل السحر فاستحق القتل بقوله عليه السلام من بدل دينه فاقتلوه وإنما قال أبو حنيفة ولا نعلم أحدا من أصحابنا خالفه فيما ذكره الحسن عنه أنه يقتل ولا يستتاب فأما ما روي عن أبي يوسف في فرق أبي حنيفة بين الساحر وبين المرتدين فإن الساحر قد جمع إلى كفره السعي بالفساد في الأرض فإن قال قائل فأنت لا تقتل الخناق والمحاربين إلا إذا قتلوا فهلا قلت مثله في الساحر قيل له يفترقان من جهة أن الخناق والمحارب لم يكفرا قبل القتل ولا بعده فلم يستحقا القتل إذ لم يتقدم منهما سبب يستحقان به القتل وأما الساحر فقد كفر بسحره قتل به أو لم يقتل فاستحق القتل بكفره ثم لما كان مع كفره ساعيا في الأرض بالفساد كان وجوب قتله حدا فلم يسقط بالتوبة كالمحارب إذا استحق القتل لم يسقط ذلك عنه بالتوبة فهو مشبه للمحارب الذي قتل في ان قتله حد لا تزيله عنه التوبة ويفارق المرتد من جهة أن المرتد يستحق القتل بإقامته على الكفر فحسب فمتى انتقل عنه زال عنه الكفر والقتل ولما وصفنا من ذلك لم يفرقوا بين الساحر من أهل الذمة ومن المسلمين كما لا يختلف حكم المحارب من أهل الذمة والإسلام فيما يستحقونه بالمحاربة ولذلك لم تقتل المرأة الساحرة لأن المرأة من المحاربين عندهم لا تقتل حدا وإنما تقتل قودا ووجه آخر لقول أبي حنيفة في ترك استتابة الساحر وهو ما ذكره الطحاوي قال حدثنا سليمان بن شعيب عن أبيه عن أبي يوسف في نوادر ذكرها عنه أدخلها في أماليه عليهم قال قال أبو حنيفة اقتلوا الزنديق سرا فإن توبته لا تعرف ولم يحك أبو يوسف خلافه ويصح بناء مسئلة الساحر عليه لأن الساحر يكفر سرا فهو بمنزلة الزنديق فالواجب أن لا تقبل توبته فإن قيل فعلى هذا ينبغي أن لا يقتل