مأمورا بالكتاب والإشهاد بمقتضى الآية وقد دلت الآية على أنها مقصورة في دين مؤجل في أحد البدلين لا فيهما جميعا لأنه تعالى قال إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى ولم يقل بدينين فإنما أثبت الأجل في أحد البدلين فغير جائز وجود الأجل في البدلين جميعا وقد نهى النبي ص - عن الدين بالدين وأما إذا كانا دينين بالعقد فهذا جائز في السلم وفي الصرف إلا أن ذلك مقصور على المجلس ولا يمتنع أن يكون السلم مرادا بالآية لأن التأجيل في أحد البدلين وهو السلم وقد أمر الله تعالى بالإشهاد على عقد مداينة موجب لدين مؤجل وقد روى قتادة عن أبي حسان عن ابن عباس قال أشهد أن السلم المؤجل في كتاب الله وأنزل فيه أطول آية في كتاب الله يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه فأخبر ابن عباس أن السلم المؤجل مما انطوى تحت عموم الآية وعلى هذا كل دين ثابت مؤجل فهو مراد بالآية سواء كان من إبدال المنافع أو الأعيان نحو الأجرة المؤجلة في عقود الإجارات والمهر إذا كان مؤجلا وكذلك الخلع والصلح من دم العمد والكتابة المؤجلة لأن هذه ديون مؤجلة ثابتة بعقد مداينة وقد بينا أن الآية إنما اقتضت هذا الحكم في أحد البدلين إذا كان مؤجلا لا فيهما لأنه قال إذا تداينتم بدين إلى أجل فكل عقد انتظمه الآية فهو العقد الذي ثبت به دين مؤجل ولم تفرق بين أن يكون ذلك الدين بدلا من منافع أو أعيان فوجب أن يكون جميع المندوب إليه من الكتاب والإشهاد مرادا بها هذه العقود كلها وأن ما يكون ما ذكر من عدد الشهود وأوصاف الشهادة معتبرا في سائرها إذ ليس في اللفظ تخصيص شيء منه دون غيره فيوجب ذلك جواز شهادة الرجل والمرأتين في النكاح إذا كان المهر دينا مؤجلا وفي الخلع والإجارة والصلح من دم العمد وسائر ما كان هذا وصفه وغير جائز الاقتصار بهذه الأحكام على بعض الديون المؤجلة دون بعض مع شمول الآية لجميعها وقوله تعالى إلى أجل مسمى يعني معلوما وقد روي ذلك عن جماعة من السلف وقال النبي ص - من أسلم فليسلم في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم وقوله تعالى وليكتب بينكم كاتب بالعدل فيه أمر لمن تولى كتابة الوثائق بين الناس أن يكتبها بالعدل بينهم والكتاب وإن لم يكن حتما فإن سبيله إذا كتب أن يكتب على حد العدل والاحتياط والتوثق من الأمور التي من أجلها يكتب الكتاب بأن يكون شرطا صحيحا جائزا على ما توجبه الشريعة