تعالى إلا أن تغمضوا فيه إلا أن تحطوا من الثمن وعن الحسن وقتادة مثله وقال البراء ابن عازب إلا أن تتساهلوا فيه وقيل لستم بآخذيه إلا بوكس فكيف تعطونه في الصدقة هذه الوجوه كلها محتملة وجائز أن يكون جميعها مراد الله تعالى بأنهم لا يقبلونه في الهدية إلا بإغماض ولا يقبضونه من الجيد إلا بتساهل ومسامحة ولا يبيعون بمثله إلا بحبط ووكس وقد اختلف أصحابنا فيمن أدى من المكيل والموزون دون الواجب في الصفة فأدى عن الجيد رديا فقال أبو حنيفة وأبو يوسف لا يجب عليه أداء الفضل وقال محمد عليه أن يؤدي الفضل الذي بينهما وقالوا جميعا في الغنم والبقر وجميع الصدقات مما لا يكال ولا يوزن أن عليه أدار الفضل فيجوز أن يحتج لمحمد بهذه الآية وقوله تعالى ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون والمراد به الرديء منه وقوله تعالى ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه ولصاحب الحق أن لا يغمض فيه ولا يتساهل ويطالب بحقه من الجودة فهذا يدل على أن عليه أداء الفضل حتى لا يقع في إغماض لأن الحق في ذلك لله تعالى وقد نفى الإغماض في الصدقة بنهيه عن عطاء الردي فيها وأما أبو حنيفة وأبو يوسف فإنهما قالا كل مالا يجوز التفاضل فيه فإن الجيد والردي حكمهما سواء في حظر التفاضل بينهما وإن قيمته من جنسه لا يكون إلا بمثله ألا ترى أنه لو اقتضى دينا على أنه جيد فأنفقه ثم علم أنه كان رديا أنه لا يرجع على الغريم بشيء وأن ما بينهما من الفضل لا يغرمه وإنما يقول أبو يوسف فيه أنه يغرم مثل ما قبض من الغريم ويرجع بدينه وغير ممكن مثله في الصدقة لأن الفقير لا يغرم شيئا فلو غرمه لم تكن له مطالبة المتصدق برد الجيد عليه فلذلك لم يلزمه إعطاء الفضل وإنما نهى الله تعالى المتصدق عن قصد الردي بالإخراج وقد وجب إخراج الجيد فإنهم يقولون إنه منهي عنه ولكن لما كان حكم ما أعطي حكم الديد فيما وصفنا أجزأ عنه وأما ما يجوز فيه التفاضل فإنه مأمور بإخراج الفضل فيه لأنه جائز أن تكون قيمته من جنسه أكثر منه ويباع بعضه ببعض متفاضلا وأما محمد فإنه لم يجز إخراج الردي من الجيد إلا بمقدار قيمته منه فأوجب عليه إخراج الفضل إذ ليس بين العبد وبين سيده ربا وفي هذه الآية دلالة على جواز اقتضاء الردي عن الجيد في سائر الديون لأن الله تعالى أجاز الإغماض في الديون بقوله تعالى إلا أن تغمضوا فيه ولم يفرق بين شيء منه فدل ذلك على معان منها جواز اقتضاء الزيوف التي أقلها غش وأكثرها