من حيث استباح البضع أن يلزمه المهر ويدل على ذلك أن الدخول بعد صحة العقد إنما هو تصرف فيما قد ملكه وتصرف الإنسان في ملكه لا يلزمه بدلا ألا ترى أن تصرف المشتري في السلعة لا يوجب عليه بدلا بالتصرف فدل ذلك على استحقاقهما لمهر المثل بالعقد ويدل على ذلك أيضا اتفاق الجميع على أن لها أن تمنع نفسها بمهر المثل ولو لم تكن قد استحقته بالعقد كيف كان يجوز لها أن تمنع نفسها بما لم يجب بعد ويدل على ذلك أيضا أن لها المطالبة به ولو خاصمته إلى القاضي لقضى به لها والقاضي لا يبتدئ إيجاب مهر لم تستحقه كما يبتدئ إيجاب سائر الديون إذا لم تكن مستحقة وذلك كله دليل على أن التي لم يفرض لها مهر قد استحقت مهر المثل بالعقد وملكته على الزوج حسب ملكها للمسمى لو كانت في العقد تسمية فإن قيل لو كان مهر المثل واجبا بالعقد لما سقط كله بالطلاق قبل الدخول كما لا يسقط جميع المسمى قيل له لم يسقط كله لأن المتعة بعضه على ما قدمنا وهي بإزاء نصف المسمى لمن طلقت قبل الدخول وزعم إسماعيل بن إسحاق أن المهر لا يجب بالعقد وإن استباح الزوج البضع قال لأن الزوج بإزاء الزوجة كالثمن بإزاء المبيع فإن كان كما قال فواجب أن لا يلزمه المهر بالدخول لأن الوطء كان مستحقا لها على الزوج كما استحق هو التسليم عليها إذ ما استباحه كل واحد منهما بإزاء ما استباحه الآخر فمن أين صار الزوج مخصوصا بإيجاب المهر إذا دخل بها وينبغي أن لا يكون لها أن تحبس نفسها بالمهر إذا لم تستحق ذلك بالعقد وواجب أيضا أن لا تصح تسمية المهر لأنه قد صح من جهته بما عقد عليه كما صح من جهتها فلا يلزمه المهر كما لا يلزمها له شيء وواجب على هذا أن لا يقوم البضع عليها بالدخول وبالوطء بالشبهة وأن لا يصح أخذ البدل منها لسقوط حقه عن بعضها وهذا كله مع ما عقلت الأمة من أن الزوج يجب عليه المهر بدلا من استباحة البضع يدل على سقوط قول هذا القائل وقول النبي ص - في حديث سهل بن سعد الساعدي حين قال للرجل الذي خطب إليه المرأة التي وهبت نفسها منه قد ملكتها بما معك من القرآن يدل على أن الزوج في معنى الملك لبضعها ومن الدليل على أن الفرض الواقع بعد العقد يسقطه الطلاق قبل الدخول أن الفرض إنما أقيم مقام مهر المثل لأنه غير جائز إيجابه مع مهر المثل ولما كان كذلك وجب أن يسقطه الطلاق قبل الدخول كما يسقط مهر المثل ومن جهة أخرى أن الفرض إنما ألحق بالعقد ولم يكن موجودا فيه فمن حيث بطل العقد بطل