المتعارف لمثلها لم تعط وكذلك إذا قصر الزوج عن مقدار نفقة مثلها في العرف والعادة لم يحل ذلك وأجبر على نفقة مثلها وفي هذه الآية دلالة على جواز استئجار الظئر بطعامها وكسوتها لأن ما أوجبه الله تعالى في هذه الآية للمطلقة هما أجرة الرضاع وقد بين ذلك بقوله تعالى فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن وفي هذه الآية دلالة على تسويغ اجتهاد الرأي في أحكام الحوادث إذ توصل إلى تقدير النفقة بالمعروف إلا من جهة غالب الظن وأكثر الرأي إذ كان ذلك معتبرا بالعادة وكل ما كان مبنيا على العادة فسبيله الاجتهاد وغالب الظن إذ ليست العادة مقصورة على مقدار واحد لا زيادة عليه ولا نقصان ومن جهة أخرى هو مبني على الاجتهاد وهو اعتبار حاله في إعساره ويساره ومقدار الكفاية والإمكان بقوله لا تكلف نفس إلا وسعها واعتبار الوسع مبني على العادة وقوله تعالى لا تكلف نفس إلا وسعها يوجب بطلان قول أهل الإجبار في اعتقادهم أن الله يكلف عباده مالا يطيقون وإكذاب لهم في نسبتهم ذلك إلى الله تعالى الله عما يقولون وينسبون إليه من السفه والعبث علوا كبيرا قوله تعالى لا تضار والدة بوالدها ولا مولود له بولده روي عن الحسن ومجاهد وقتادة قالوا هو المضارة في الرضاع وعن سعيد بن جبير وإبراهيم قالا إذا قام الرضاع على شيء خيرت الأم قال أبو بكر فمعناه لا تضار والدة بولدها بأن لا تعطى إذا رضيت بأن ترضعه بمثل ما ترضعه به الأجنبية بل تكون هي أولى على ما تقدم في أول الآية من قوله والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة وعلى المولود له رزقهن وكسوتهن بالمعروف فجعل الأم أحق برضاع الولد هذه المدة ثم أكد ذلك بقوله تعالى لا تضار والدة بولدها يعني والله أعلم أنها إذا رضيت بأن ترضع بمثل ما ترضع به غيرها لم يكن للأب أن يضارها فيدفعه إلى غيرها وهو كما قال في آية أخرى فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن فجعلها أولى بالرضاع ثم قال وإن تعاسرتم فسترضع له أخرى فلم يسقط حقها من الرضاع إلا عند التعاسر ويحتمل أن يريد به أنها لا تضار بولدها إذا لم تختر أن ترضعه بأن ينتزع منها ولكنه يؤمر الزوج بأن يحضر الظئر إلى عندها حتى ترضعه في بيتها وكذلك قول أصحابنا ولما كانت الآية محتملة للمضارة في نزع الولد منها واسترضاع غيرها وجب حمله على المعنيين فيكون الزوج ممنوعا من استرضاع غيرها إذا رضيت هي بأن ترضعه بأجرة