نشزت عليه امرأته خل سبيلها وفي بعض الألفاظ فارقها بعد ما قال للمرأة ردي عليه حديقته فقالت قد فعلت ومعلوم أن من قال لامرأته قد فارقتك أو قد خليت سبيلك ونيته الفرقة أنه يكون طلاقا فدل ذلك على أن خلعه إياها بأمر الشارع كان طلاقا وأيضا لا خلاف أنه لو قال لها قد طلقتك على مال أو قد جعلت أمرك إليك بمال كان طلاقا وكذلك لو قال قد خلعتك بغير مال يريد به الفرقة كان طلاقا كذلك إذا خلعها بمال فإن قيل إذا قال بلفظ الخلع كان بمنزلة الإقالة في البيع فتكون فسخا لا بيعا مبتدأ قيل له لا خلاف في جواز الخلع بغير مال وعلى أقل من المهر والإقالة لا تجوز إلا بالثمن الذي كان في العقد ولو كان الخلع فسخا كالإقالة لما جاز إلا بالمهر الذي تزوجها عليه وفي اتفاق الجميع على جوازه بغير مال وبأقل من المهر دلالة على أنه طلاق بمال وأنه ليس بفسخ وأنه لا فرق بينه وبين قوله قد طلقتك على هذا المال ومما يحتج به من يقول أنه ليس بطلاق إن الله تعالى لما قال الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ثم عقب ذلك بقوله تعالى ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلى أن قال في نسق التلاوة فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فأثبت الثالثة بعد الخلع دل ذلك على أن الخلع ليس بطلاق إذ لو كان طلاقا لكانت هذه رابعة لأنه ذكر الخلع بعد التطليقتين ثم ذكر الثالثة بعد الخلع وهذا ليس عندنا على هذا التقدير وذلك لأن قوله تعالى الطلاق مرتان أفاد حكم الإثنتين إذا أوقعهما على غير وجه الخلع وأثبت معهما الرجعة بقوله تعالى فإمساك بمعروف ثم ذكر حكمهما إذا كانتا على وجه الخلع وأبان عن موضع الحظر والإباحة فيهما والحال التي يجوز فيها أخذ المال أو لا يجوز ثم عطف على ذلك قوله تعالى فإن طلقها فلا تحل له من بعد حتى تنكح زوجا غيره فعاد ذلك إلى الإثنتين المقدم ذكرهما على وجه الخلع تارة وعلى غير وجه الخلع أخرى فإذا ليس فيه دلالة على أن الخلع بعد اثنتين ثم الرابعة بعد الخلع وهذا مما يستدل به على أن المختلعة يلحقها الطلاق لأنه لما اتفق فقهاء الأمصار على أن تقدير الآية وترتيب أحكامها على ما وصفنا وحصلت الثالثة بعد الخلع وحكم الله بصحة وقوعها وحرمتها عليه أبدا إلا بعد زوج فدل ذلك على أن المختلفعة يلحقها الطلاق ما دامت في العدة ويدل على أن الثالثة بعد الخلع قوله تعالى في نسق التلاوة فإن طلقها فلا جناح عليهما أن يتراجعا إن ظنا أن يقيما حدود الله عطف