الحرب من أهل الكتاب وقوله تعالى والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم لم يفرق فيه بين الحربيات والذميات وغير جائز تخصيصه بغير دلالة وقوله تعالى قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر لا تعلق له بجواز النكاح ولا فساده ولو كان وجوب القتال علة لفساد النكاح لوجب أن لا يجوز نكاح نساء الخوارج وأهل البغي لقوله تعالى فقاتلوا التي تبغي حتى تفيء إلى أمر الله فبان بما وصفنا أنه لا تأثير لوجوب القتال في إفساد النكاح وإن ما كرهه أصحابنا لقوله تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم والنكاح يوجب المودة لقوله تعالى وجعل بينكم مودة ورحمة فلما أخبر أن النكاح سبب المودة والرحمة ونهانا عن موادة أهل الحرب كرهوا ذلك وقوله يوادون من حاد الله ورسوله إنما هو في أهل الحرب دون أهل الذمة لأنه لفظ مشتق من كونهم في حد ونحن في حد وكذلك المشاقة وهو أن يكونوا في شق ونحن في شق وهذه صفة أهل الحرب دون أهل الذمة فلذلك كرهوه كرهوا ذلك وقوله يوادون من حاد الله ورسوله إنما هو في أهل الذمة لأنه لفظ مشتق من كونهم في حد ونحن في حد وكذلك المةوشاقة وهو أن يكونوا في شق وهذه صفة أهل الحرب ومن جهة أخرى وهو أن ولده ينشأ في دار الحرب على أخلاق أهلها وذلك منهي عنه قال ص أنا بريء من كل مسلم بين ظهراني المشركين وقال ص - أنا بريء من كل مسلم مع مشرك فإن قيل ما أنكرت أن يكون قوله تعالى لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله مخصصا لقوله والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم قاصرا لحكمه على الذميات منهن دون الحربيات قيل له الآية إنما اقتضت النهي عن الوداد والتحاب فأما نفس عقد النكاح فلم تتناوله الآية وإن كان قد يصير سببا للموادة والتحاب فنفس العقد ليس هو الموادة والتحاب إلا أنه يؤدي إلى ذلك فاستحسنوا له غيرهن فإن قيل لما قال عقيب تحريم نكاح المشركات أولئك يدعون إلى النار دل على أنه لهذه العلة حرم نكاحهن وذلك موجود في نكاح الكتابيات الذميات والحربيات منهن فوجب تحريم نكاحهن لهذه العلة كتحريم نكاح المشركات قيل له معلوم أن هذه ليست علة موجبة لتحريم النكاح لأنها لو كانت كذلك لكان غير جائز إباحتهن بحال فلما وجدنا نكاح المشركات قد كان مباحا في أول الإسلام إلى أن نزل تحريمهن مع وجود هذا المعنى وهو دعاء الكافرين لنا إلى النار دل على أن هذا المعنى ليس بعلة موجبة لتحريم النكاح وقد كانت امرأة نوح وامرأة لوط كافرتين تحت نبيين من أنبياء الله تعالى