لأن ظاهر اللفظ يدل على أن مراده الندب والإرشاد وقوله وإن تخالطوهم فإخوانكم فيه إباحة خلط ماله بماله والتجارة والتصرف فيه ويدل على أنه له أن يخالط اليتيم بنفسه في الصهر والمناكحة وأن يزوجه أو يزوج اليتيمة بعض ولده فيكون قد خلط اليتامى بنفسه وعياله واختلط هو بهم فقد انتظم قوله وإن تخالطوهم إباحة خلط ماله بماله والتصرف فيه وجواز تزويجه بعض ولده ومن يلي عليه فيكون قد خلطه بنفسه والدليل على أن اسم المخالطة يتناول جميع ذلك قولهم فلان خليط فلان إذا كان شريكا وإذا كان يعامله ويبايعه ويشاريه ويداينه وإن لم يكن شريكا وكذلك يقال قد اختلط فلان بفلان إذا صاهره وذلك كله مأخوذ من الخلطة التي هي الاشتراك في الحقوق من غير تمييز بعضهم من بعض فيها وهذه المخالطة معقودة بشريطة الإصلاح من وجهين أحدهما تقديمه ذكر الإصلاح فيما أجاب به من أمر اليتامى والثاني قوله عقيب ذكر المخالطة والله يعلم المفسد من المصلح وإذا كانت الآية قد انتظمت جواز خلطه مال اليتيم بماله في مقدار ما يغلب في ظنه أن اليتيم يأكله على ما روي عن ابن عباس فقد دل على جواز المناهدة التي يفعلها الناس في الأسفار فيخرج كل واحد منهم شيئا معلوما فيخلطونه ثم ينفقونه وقد يختلف أكل الناس فإذا كان الله قد أباح في أموال الأيتام فهو في مال العقلاء البالغين بطيبة أنفسهم أجوز ونظيره في تجويزه المناهدة قوله تعالى في قصة أهل الكهف فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة فلينظر أيها أزكى طعاما فكان الورق لهم جميعا لقوله بورقكم فأضافه إلى الجماعة وأمره بالشراء ليأكلوا جميعا منه وقوله وإن تخالطوهم فإخوانكم قد دل على ما ذكرنا من جواز المشاركة والخلطة على أنه يستحق الثواب بما يتحرى فيه الإصلاح من ذلك لأن قوله فإخوانكم قد دل على ذلك إذ هو مندوب إلى معونة أخيه وتحرى مصالحه لقوله تعالى إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم وقال النبي ص - والله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه فقد انتظم قوله فإخوانكم الدلالة على الندب والإرشاد واستحقاق الثواب بما يليه منه وقوله ولو شاء الله لأعنتكم يعني به لضيق عليكم في التكليف فيمنعكم من مخالطة الأيتام والتصرف لهم في أموالهم ولأمركم بإفراد أموالكم عن أمولهم أو لأمركم على جهة الإيجاب بالتصرف لهم وطلب الأرباح بالتجارات لهم ولكنه وسع ويسر وأباح لكم التصرف لهم على وجه الإصلاح ووعدكم