إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام وليس أهل مكة منهم لأنهم كانوا قد أسلموا حين فتحت فإنما نزلت الآية بعد الفتح في حجة أبي بكر وهم بنو مدلج وبنو الدئل وكانت منازلهم خارج مكة في الحرم وما قرب منه فإن قيل كيف يكون أهل ذي الحليفة من حاضري المسجد الحرام وبينهم وبينها مسيرة عشر ليال قيل له أنهم وإن لم يكونوا من حاضري المسجد الحرام فهم في حكمهم في باب جواز دخولهم مكة بغير إحرام وفي باب أنهم متى أرادوا الإحرام أحرموا من منازلهم كما أن أهل مكة إذا أرادوا الإحرام أحرموا من منازلهم فيدل ذلك على أن المعنى حاضروا المسجد الحرام ومن في حكمهم وقال الله D في شأن البدن ثم محلها إلى البيت العتيق وقال ص - منى منحر وفجاج مكة منحر فكان مراد الله بذكر البيت ما قرب من مكة وإن كان خارجا منها وقال تعالى والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد وهي مكة وما قرب منها فهاتان المتعتان قد بينا حكمهما وهما القران والتمتع وأما المتعة الثالثة فإنها على قول عبدالله بن الزبير وعروة بن الزبير أن يحصر الحاج المفرد بمرض أو أمر يحبسه فيقدم فيجعلها عمرة ويتمتع بحجة إلى العام المقبل ويحج فهذا المتمتع بالعمرة إلى الحج فكان من مذهبه أن المحصر لا يحل ولكنه يبقى على إحرامه حتى يذبح عنه الهدي يوم النحر يوم يحلق ويبقى على إحرامه حتى يقدم مكة فيتحلل من حجة بعمل عمرة وهذا خلاف قول الله تعالى وأتموا الحج والعمرة لله فإن أحصرتم فما استيسر من الهدي ثم قال ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ الهدي محله ولم يفرق بين الحج والعمرة فيما أباح من الإحلال بالحلق ولا خلاف أن هذا الحلق للإحلال من العمرة فكذلك الحج والنبي ص - وأصحابه حين أحصروا بالحديبية حلق هو وحل وأمرهم بالإحلال ومع ذلك فإن عمل العمرة الذي يلزم بالفوات ليس بعمرة وإنما هو عمل عمرة مفعول بإحرام الحج والله سبحانه إنما قال فمن تمتع بالعمرة إلى الحج وليس الذي يفوته الحج بالمعتمر وأيضا فإنه قال فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي وهو إنما أوجب عليه الهدي ليصل به إلى الحلق يوم النحر سواء حج بعد ذلك أو لم يحج ألا ترى أنه لو لم يحج إلا بعد عشر سنين لكان الهدي قائما فدل ذلك على أن المتمتع المذكور في الآية ليس هو ما ذهب إليه ابن الزبير لأن ما في الآية من ذلك إنما يتعلق الهدي فيه بفعل العمرة والحج والدم الذي يلزمه