أحوالهما أن يتعارضا فيسقطا جميعا ويبقى لنا حديث طلحة وابن عباس من غير معارض فإن قال قائل ليس حديث الحجاج عن محمد بن المنكدر عن جابر الذي رويته في نفي الإيجاب بمعارض لحديث ابن لهيعة عن عطاء عن جابر في إيجابها لأن حديث الحجاج وارد على الأصل وحديث ابن لهيعة ناقل عنه ومتى ورد خبران أحدهما ناف والآخر مثبت فالمثبت منهما أولى وكذلك إذا كان أحدهما موجبا والآخر غير موجب لأن الأيجاب يقتضي حظر تركه ونفيه لا حظر فيه وخبر الحاظر أولى من المبيح قيل له هذا لا يجب من قبل أن حديث ابن لهيعة في إيجابها لو كان ثابتا لورد النقل به مستفيضا لعموم الحاجة إليه ولوجب أن يعرفه كل من عرف وجوب الحج إذ كان وجوبها كوجوب الحج ومن خوطب به فهو مخاطب بها فغير جائز فيما كان هذا وصفه أن يكون وروده من طريق الآحاد مع ما في سنده من الضعف ومعارضة غيره إياه وأيضا فمعلوم أن الروايتين وردتا عن رجل واحد فلو كان خبر الوجوب متأخرا في التاريخ عن خبر نفيه لبينه جابر في حديثه ولقال قال النبي ص - في العمرة أنها تطوع ثم قال بعد ذلك أنها واجبة إذ غير جائز أن يكون عنده الخبران جميعا مع علمه بتاريخهما فيطلق رواية تارة بإيجاب وتارة بضده من غير ذكر تاريخ فدل ذلك على أن هذين الخبرين وردا متعارضين وإنما يعتبر خبر المثبت والنافي على ما ذكرنا من الاعتبار إذا وردت الروايتان من جهتين وأما حديث سمرة وقوله فاعتمروا فإنه على الندب بالدلائل التي قدمنا فأما قوله حين سئل عن الإسلام فذكر الصلاة وغيرها ثم قال وأن تحج وتعتمر فإن النوافل من الإسلام وكذلك كل ما يتقرب به إلى الله تعالى لأنه من شرائعه وقد روي أن الإسلام بضع وسبعون خصلة منها إماطة الأذى عن الطريق وأما قول صبي بن معبد لعمر وجدت الحج والعمرة مكتوبين علي وسكوت عمر عنه وتركه النكير عليه فإنه إنما قال هما مكتوبان علي ولم يقل مكتوبتان على الناس فظاهره يقتضى أن يكون نذرهما فصارا مكتوبين عليه بالنذر وأيضا فإنه إنما قاله تأويل منه للآية وفيه مساغ للتأويل فلم ينكره عمر لاحتمالها له وهو بمنزلة قول القائل بوجوب العمرة فلا يستحقون النكير إذ كان الاجتهاد سائغا فيه وأما قول النبي ص - للرجل الذي سأله عن الحج عن أبيه وقوله حج عن أبيك واعتمر فلا دلالة فيه على وجوبها لأنه لا خلاف أن هذا القول لم يخرج مخرج الإيجاب إذ ليس عليه أن