كان في العادة مطلقا فهم على إطلاقه والمقيد فيها على تقييده ولا يتجاوز به موضعه وفي هذه الآية دلالة على توحيد الله تعالى وإثبات الصانع الذي لا يشبهه شيء القادر الذي لا يعجزه شيء وهو ارتفاع السماء ووقوفها بغير عمد ثم دوامها على طول الدهر غير متزايلة ولا متغير كما قال تعالى وجعلنا السماء سقفا محفوظا وكذلك ثبات الأرض ووقوفها على غير سند فيه أعظم الدلالة على التوحيد وعلى قدرة خالقها وأنه لا يعجزه شيء وفيها تنبيه وحث على الاستدلال بها على الله وتذكير بالنعمة وقوله تعالى فأخرج به من الثمرات رزقا لكم نظير قوله هو الذي خلق لكم ما في الأرض جميعا وقوله وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وقوله قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق يحتج بجميع ذلك في أن الأشياء على الإباحة مما لا يحظره العقل فلا يحرم منه شيء إلا ما قام دليله وقوله تعالى وإن كنتم في ريب مما نزلنا على عبدنا فأتوا بسورة من مثله وادعوا شهداءكم من دون الله إن كنتم صادقين فيه أكبر دلالة على صحة نبوة نبينا عليه السلام من وجوه أحدها أنه تحداهم بالإتيان بمثله وقرعهم بالعجز عنه مع ما هم عليه من الأنفة والحمية وأنه كلام موصوف بلغتهم وقد كان النبي ص - منهم تعلم اللغة العربية وعنهم أخذ فلم يعارضه منهم خطيب ولا تكلفه شاعر مع بذلهم الأموال والأنفس في توهين أمره وإبطال حججه وكانت معارضته لو قدروا عليها ابلغ الأشياء في إبطال دعواه وتفريق أصحابه عنه فلما ظهر عجزهم عن معارضته دل ذلك على أنه من عند الله الذي لا يعجز شيء وأنه ليس في مقدور العباد مثله وإنما أكبر ما اعتذروا به أنه من أساطير الأولين وأنه سحر فقال تعالى فليأتوا بحديث مثله إن كانوا صادقين وقال فأتوا بعشر سور مثله مفتريات فتحداهم بانلظم دون المعنى في هذه الصورة وأظهر عجزهم عنه فكانت هذه معجزة باقية لنبينا ص - إلى قيام الساعة أبان الله تعالى بها نبوة نبيه وفضله بها لأن سائر معجزات الأنبياء على سائر الأنبياء انقضت بانقضائهم وإنما يعلم كونها معجزة من طريق الأخبار وهذه معجزة باقية بعده كل من اعترض عليها بعده قرعناه بالعجز عنه فتبين له حينئذ موضع الدلالة على تثبيت النبوة كما كان حكم من كان في عصره من لزوم الحجة به وقيام الدلالة عليه والوجه الآخر من الدلالة أنه معلوم عند المؤمنين بالنبي عليه السلام وعند الجاحدين لنبوته أنه من كان من أتم الناس عقلا