له مباح فلا قضاء عليه فيما أكل قبل أن يتبين له طلوع الفجر وأما الذي أفطر على ظن منه بغيوبة الشمس فقد كان صومه يقينا فلم يكن جائزا له الإفطار حتى يتبين له غروب الشمس وقال محمد بن سيرين وسعيد بن جبير وأصحابنا جميعا ومالك والثوري والشافعي يقضي في الحالين إلا أن مالكا قال في صوم التطوع يمضي فيه وفي الفرض يقضى وروى الأعمش عن زيد بن وهب أن عمر أفطر هو والناس في يوم غيم ثم طلعت الشمس فقال لا تجانفنا لإثم والله لا نقضيه وروي عنه أنه قال الخطب يسير نقضي يوما وظاهر قوله ثم أتموا الصيام إلى الليل يقضي ببطلان صيامه إذ لم يتممه ولم تفصل الآية بين من أكل جاهلا بالوقت أو عالما به فإن قيل قال الله تعالى وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر فما لم يتبين له ذلك فالأكل له مباح قيل له لا يخلو هذ1 الأكل من أحد حالين إما أن يكون ممن أمكنه استبانة طلوع الفجر والوصول إلى علمه من جهة اليقين بأن يكون عارفا به وليس بينه وبينه حائل فإن كان كذلك ثم لم يستبن فإن هذا لا يكون إلا من تفريطه في تأمله وترك مراعاته ومن كانت هذه حاله فغير جائز له الإقدام على الأكل فإذا أكل فقد فعل ما لم يكن له أن يفعله إذ قد كان في وسعه وإمكانه الوصول إلى اليقين والإستبانة ففرط فيه ولم يفعله وتفريطه غير مسقط عنه فرض الصوم وإن كان هذا الأكل ممن لا يعرف الفجر بصفته أو بينه وبينه حائل أو قمر أو ضعف بصر أو نحو ذلك فهذا أيضا ممن لا يجوز له العمل على الظن بل عليه أن يصير إلى اليقين ولا يأكل وهو شاك وإذا كان ذلك على ما وصفنا لم يسقط عنه القضاء بتركه الإحتياط للصوم وكذلك من أكل على ظن منه بغبوبة الشمس في يوم غيم فهو بهذه المنزلة بمقتضى ظاهر قوله ثم أتموا الصيام إلى الليل فإن قيل لم يكلف تبين الفجر عند الله تعالى وإنما كلف ما عنده قيل له إذا أمكنه الوصول إلى معرفة طلوع الفجر الذي هو عند الله فعليه مراعاته فمتى لم يكن هناك حائل استحال أن لا يعلمه ومع ذلك فإنه إن غفل أبيح له الأكل في حال غفلته فإن إباحة الأكل غير مسقطة للقضاء كالمريض والمسافر وهما أصل في ذلك لأنهما معذوران والذي اشتبه عليه طلوع الفجر أو ظنه قد طلع معذور في الأكل والعذر لا يسقط القضاء بدلالة ما وصفنا ويدل عليه اتفاق الجميع أنه لو غم عليهم الهلال في أول ليلة من رمضان فأفطروا ثم علموا بعد ذلك أنه كان