يدل على أن هذه الآية غير منسوخة وأنها مضمومة إلى آية الغنيمة في الأرضين المفتتحة فإن رأى قسمتها أصلح للمسلمين وأرد عليهم قسم وإن رأى إقرار أهلها عليها وأخذ الخراج منهم فيها فعل لأنه لو لم تكن هذه الآية ثابتة الحكم في جواز أخذ الخراج منها حتى يستوي الآخر والأول فيها لذكروه له وأخبروه بنسخها فلما لم يحاجوه بالنسخ دل على ثبوت حكمها عندهم وصحة دلالتها لديهم على ما استدل به عليه فيكون تقدير الآيتين بمجموعهما واعلموا أن ما غنمتم من شيء فإن لله خمسه في الأموال سوى الأرضين وفي الأرضين إذا اختار الإمام ذلك وما أفاء الله على رسوله من الأرضين فلله وللرسول إن اختار تركها على ملك أهلها ويكون ذكر الرسول ههنا لتفويض الأمر عليه في صرفه إلى من رأى فاستدل عمر Bه من الآية بقوله كيلا يكون دولة بين الأغنياء منكم وقوله والذين جاؤوا من بعدهم وقال لو قسمتها بينهم لصارت دولة بين الأغنياء منكم ولم يكن لمن جاء بعدهم من المسلمين شيء وقد جعل لهم فيها الحق بقوله والذين جاؤا من بعدهم فلما استقر عنده حكم دلالة الآية وموافقة كل الصحابة على إقرار أهلها عليها ووضع الخراج بعث عثمان بن حنيف وحذيفة بن اليمان فمسحا الأرضين ووضعا الخراج على الأوضاع المعلومة ووضعا الجزية على الرقاب وجعلاهم ثلاث طبقات اثني عشر وأربعة وعشرين وثمانية وأربعين ثم لم يتعقب فعله هذا أحد ممن جاء بعده من الأئمة بالفسخ فصار ذلك اتفاقا واختلف أهل العلم في أحكام الأرضين المفتتحة عنوة فقال أصحابنا والثوري إذا افتتحها الإمام عنوة فهو بالخيار إن شاء قسمها وأهلها وأموالهم بين الغانمين بعد إخراج الخمس وإن شاء أقر أهلها عليها وجعل عليها وعليهم الخراج ويكون ملكا لهم ويجوز بيعهم وشراؤهم لها وقال مالك ما باع أهل الصلح من أرضهم فهو جائز وما افتتتح عنوة فإنه لا يشترى منهم أحد لأن أهل الصلح من أسلم منهم كان أحق بأرضه وماله وأما أهل العنوة الذين أخذوا عنوة فمن أسلم منهم أحرز له إسلامه نفسه وأرضه للمسلمين لأن بلادهم قد صارت فيأ للمسلمين وقال الشافعي ما كان عنوة فخمسها لأهله وأربعة أخماسها للغانمين فمن طاب نفسا عن حقه للإمام أن يجعلها وقفا عليهم ومن لم يطب نفسا فهو أحق بماله قال أبو بكر لا تخلوا الأرض المفتتحة عنوة من أن تكون للغانمين لا يجوز للإمام صرفها عنهم بحال إلا بطيبة من أنفسهم أو أن