فقال سمعت رسول الله ص - يقول اركبها بالمعروف إذا ألجئت إليها حتى تجد ظهرا وقد روى ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر قال سمعت رسول الله ص - في ركوب الهدي قال اركب بالمعروف إذا احتجت إليها حتى تجد ظهرا فبين في هذه الأخبار أن إباحة ركوبها معقودة بشريطة الضرورة إليها ويدل على أنه لا يملك منافعها أنه لا يجوز له أن يؤاجرها للركوب فلو كان مالكا لمنافعها لملك عقد الإجارة عليها كمنافع سائر المملوكات .
باب محل الهدي .
قال الله تعالى وأحلت لكم الأنعام إلا ما يتلى عليكم إلى قوله لكم فيها منافع إلى أجل مسمى ثم محلها إلى البيت العتيق ومعلوم أن مراده تعالى فيما جعل هديا أو بدنة فيما وجب أن تجعل هديا من واجب في ذمته فأخبر تعالى أن محل ما كان هذا وصفه إلى البيت العتيق والمراد بالبيت ههنا الحرم كله إذ معلوم أنها لا تذبح عند البيت ولا في المسجد فدل على أنه الحرم كله فعبر عنه بذكر البيت إذ كانت حرمة الحرم كله متعلقة بالبيت وهو كقوله تعالى في جزاء الصيد هديا بالغ الكعبة ولا خلاف أن المراد الحرم كله وقد روى أسامة بن زيد عن عطاء عن جابر بن عبدالله قال قال رسول الله ص - عرفة كلها موقف ومنى كلها منحر وكل فجاج مكة طريق ومنحر وعموم الآية يقتضي أن يكون محل سائر الهدايا الحرم ولا يجزي في غيره إذ لم تفرق بين شيء منها وقد اختلف في هدي الإحصار فقال أصحابنا محله ذبحه في الحرم وذلك لأنه قال ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدي محله وكان المحل مجملا في هذه الآية فلما قال ثم محلها إلى البيت العتيق بين فيه ما أجمل ذكره في الآية الأولى فوجب أن يكون محل هدي الإحصار الحرم ولم يختلفوا في سائر الهدايا التي يتعلق وجوبها بالإحرام مثل جزاء الصيد وفدية الأذى ودم التمتع أن محلها الحرم فكذلك هدي الإحصار لما تعلق وجوبه بالإحرام وجب أن يكون في الحرم قوله والبدن جعلناها لكم من شعائر الله لكم فيها خير قيل إن البدن الإبل المبدنة بالسمن يقال بدنت الناقة إذا سمنتها ويقال بدن الرجل إذا سمن وإنما قيل لها بدنة من هذه الجهة ثم سميت الإبل بدنا مهزولة كانت أو سمينة فالبدنة اسم يختص بالبعير في اللغة إلا أن البقرة لم صارت في حكم البدنة قامت مقامها وذلك لأن النبي ص - جعل البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة فصار البقر في حكم البدن ولذلك كان تقليد البقرة كتقليد البدنة في باب وقوع