لا ينفي أن تكون المعاني التي تأولها عليها الآخرون مرادة أيضا إذ هي غير متنافية فكأنه قال أقم الصلاة إذا ذكرت الصلاة المنسية لتذكرني فيها بالتسبيح والتعظيم لأن أذكرك بالثناء والمدح فيكون جميع هذه المعاني مرادة بالآية وهذا الذي ورد به الأثر من إيجاب قضاء الصلاة المنسية عند الذكر لا خلاف بين الفقهاء فيه وقد روي عن بعض السلف فيه قول شاذ ليس العمل عليه فروى إسرائيل عن جابر عن أبي بكر بن أبي موسى عن سعد قال من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها وليصل مثلها من الغد وروى الجريري عن أبي نضرة عن سمرة بن جندب قال إذا فاتت الرجل الصلاة صلاها من الغد لوقتها فذكرت ذلك لأبي سعيد فقال صلها إذا ذكرتها وهذان القولان شاذان وهما مع ذلك خلاف ما ورد به الأثر عن النبي ص - من أمره بقضاء الفائتة عند الذكر من غير فعل صلاة أخرى غيرها وتلاوة النبي ص - قوله تعالى أقم الصلاة لذكري عقيب ذكر الفائتة وبعد قوله من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها يوجب أن يكون مراد الآية قضاء الفائتة عند الذكر وذلك يقتضي الترتيب في الفوائت لأنه إذا كان مأمورا بفعل الفائتة عند الذكر وكان ذلك في وقت صلاة فهو منهي لا محالة عن فعل صلاة الوقت في تلك الحال فأوجب ذلك فساد صلاة الوقت إن قدمها على الفائتة لأن النهي يقتضي الفساد حتى تقوم الدلالة على غيره وقد اختلف الفقهاء في ذلك فقال أصحابنا الترتيب بين الفوائت وبين صلاة الوقت واجب في اليوم والليلة وما دونهما إذا كان في الوقت سعة للفائتة ولصلاة الوقت فإن زاد على اليوم والليلة لم يجب الترتيب والنسيان يسقط الترتيب عندهم أعني نسيان الصلاة الفائتة وقال مالك بن أنس بوجوب الترتيب وإن نسي الفائتة إلا أنه يقول إن كانت الفوائت كثيرة بدأ بصلاة الوقت ثم صلى ما كان نسي وإن كانت الفوائت خمسا ثم ذكرهن قبل صلاة الصبح صلاهن قبل الصبح وإن فات وقت الصبح وإن صلى الصبح ثم ذكر صلوات صلى ما نسي فإذا فرغ أعاد الصبح ما دام في الوقت فإذا فات الوقت لم يعد وقال الثوري بوجوب الترتيب إلا أنه لم يرو عنه الفرق بين القليل والكثير لأنه سئل عمن صلى ركعة من العصر ثم ذكر أنه صلى الظهر على غير وضوء أنه يشفع بركعة ثم يسلم فيستقبل الظهر ثم العصر وروي عن الأوزاعي روايتان في إحداهما إسقاط الترتيب وفي الأخرى إيجابه وقال الليث إذا ذكرها وهو في صلاة وقد صلى ركعة فإن