بها فلو أصابته لعقرته فقال يأتيني أحدهم بجميع ما يملك ثم يقعد يتكفف الناس وروي أن رجلا دخل المسجد وعليه هيئة رثة والنبي ص - على المنبر فأمر الرجل بأن يقوم فقام فطرح الناس ثيابا للصدقة فأعطاه النبي ص - منها ثوبين ثم حث النبي ص - الناس على الصدقة فطرح أحد ثوبيه فقال النبي ص - انظروا إلى هذا أمرته أن يقوم ليفطن له فيتصدق عليه فأعطيته ثوبين ثم قد طرح أحدهما ثم قال له خذ ثوبك فإنما منع أمثال هؤلاء من إخراج جميع أموالهم فأما أهل البصائر فلم يكن النبي ص - يمنعهم من ذلك وقد كان أبو بكر الصديق Bه ذا مال كثير فأنفق جميع ماله على النبي ص - وفي سبيل الله حتى بقي في عباءة فلم يعنفه النبي ص - ولم ينكر ذلك عليه والدليل على أن ذلك ليس بمخاطبة للنبي ص - وإنما خوطب به غيره قوله تعالى فتقعد ملوما محسورا ولم يكن النبي ص - ممن يتحسر على إنفاق ما حوته يده في سبيل الله فثبت أن المراد غير النبي ص - وهو نحو قوله تعالى لئن أشركت ليحبطن عملك الخطاب للنبي ص - والمراد غيره وقوله تعالى فإن كنت في شك مما أنزلنا إليك لم يرد به النبي ص - لأنه لم يشك قط فاقتضت هذه الآيات من قوله وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه الأمر بتوحيد الله والإحسان إلى الوالدين والتذلل لهما وطاعتهما وإعطاء ذي القربى حقه والمساكين وابن السبيل حقوقهم والنهي عن تبذير المال وإنفاقه في معصية الله والأمر بالإقتصاد في الإنفاق والنهي عن الإفراط والتقصير في الإعطاء والمنع وتعليم ما يجيب به السائل والمسكين عند تعذر ما يعطى قوله تعالى ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق هو كلام يتضمن ذكر السبب الخارج عليه وذلك لأن من العرب من كان يقتل بناته خشية الفقر لئلا يحتاج إلى النفقة عليهن وليوفر ما يريد إنفاقه عليهن على نفسه وعلى بيته وكان ذلك مستفيضا شائعا فيهم وهي الموءودة التي ذكرها الله في قوله وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت والموءودة هي المدفونة حيا وكانوا يدفنون بناتهم أحياء وقال عبدالله بن مسعود سئل النبي ص - فقيل ما أعظم الذنوب قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك وأن تقتل ولدك خشية أن يأكل معك وأن تزني بحليلة جارك قوله تعالى نحن نرزقهم وإياكم فيه إخبار بأن رزق الجميع على الله تعالى والله سيسبب لهم ما ينفقون على الأولاد وعلى أنفسهم وفيه بيان أن الله تعالى سيرزق كل حيوان خلقه ما دامت حياته باقية وأنه إنما يقطع رزقه بالموت وبين الله تعالى