إذا غنم هو وأصحابه جمعوا غنائمهم فتنزل من السماء نار فتأكلها فأنزل الله تعالى لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا وروي فيه وجه آخر وهو ما رواه الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبدالله قال شاور النبي ص - أصحابه في أسارى بدر فأشار أبو بكر بالاستبقاء وأشار عمر بالقتل وأشار عبدالله بن رواحة بالإحراق فقال النبي ص - مثلك يا أبا بكر مثل إبراهيم حين قال فمن تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم ومثل عيسى إذ قال إن تعذبهم فإنهم عبادك الآية ومثلك يا عمر مثل نوح إذ قال لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا ومثل موسى إذ قال ربنا اطمس على أموالهم الآية أنتم عالة فلا ينفلتن منهم أحد إلا بفداء أو ضربة عنق فقال ابن مسعود إلا سهيل بن بيضاء فإنه ذكر الإسلام فسكت ثم قال إلا سهيل بن بيضاء فأنزل الله تعالى ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض إلى آخر الآيتين وروي عن ابن عباس أن النبي ص - استشار أبا بكر وعمر وعليا في أسارى بدر فأشار أبو بكر بالفداء وأشار عمر بالقتل فهوى رسو الله ص - ما قال أبو بكر ولم يهوى ما قال عمر فلما كان من الغد جئت إلى رسول الله ص - فإذا هو وأبو بكر قاعدان يبكيان فقلت يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك فقال أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابكم أدنى من هذه الشجرة شجرة قريبة من النبي ص - فأنزل الله تعالى ما كان لنبي أن يكون له أسرى إلى آخر القصة فذكر في حديث ابن عباس المتقدم في الباب وحديث أبي هريرة أن قوله لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم إنما نزل في أخذهم الغنائم وذكر في حديث عبدالله بن مسعود وابن عباس الآخر أن الوعيد إنما كان في عرضهم الفداء على رسول الله ص - وإشارتهم عليه به والأول أولى بمعنى الآية لقوله تعالى لمسكم فيما أخذتم ولم يقل فيما عرضتم وأشرتم ومع ذلك فإنه يستحيل أن يكون الوعيد في قوله قاله رسول الله ص - لأنه لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى ومن الناس من يجيز ذلك على النبي ص - من طريق اجتهاد الرأي ويجوز أيضا أن يكون النبي ص - أباح لهم أخذ الفداء وكان ذلك معصية صغيرة فعاتبه الله والمسلمين عليها وقد ذكر في الحديث الذي في صدر الباب أن الغنائم لم تحل قبل نبينا لأحد وفي الآية ما يدل على ذلك