الحقيقة قوله تعالى ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الظالمين قرن قربهما الشجرة إلا أنه معلوم شرط الذكر فيه وتعمد الأكل مع العلم به لأنه لا يؤاخذ بالنسيان والخطأ فيما لم يقم عليه دليل قاطع ولم يكن أكلهما للشجرة معصية كبيرة بل كانت صغيرة من وجهين أحدهما أنهما نسيا الوعيد وظنا أنه نهي استحباب لا إيجاب ولهذا قال فنسي ولم نجد له عزما والثاني أنه أشير لهما إلى شجرة بعينها وظنا المراد العين وكان المراد الجنس كقوله ص - حين أخذ ذهبا وحريرا فقال هذان مهلكا أمتي وإنما أراد الجنس لا العين دون غيرها قوله تعالى يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس تقوى هذا خطاب عام لسائر المكلفين من الآدميين كما كان قوله تعالى يا أيها الناس اتقوا ربكم خطابا لمن كان في عصر النبي ص - ومن جاء بعده من المكلفين من أهل سائر الأعصار إلا أنا لمن كان غير موجود على شرط الوجود وبلوغ كمال العقل وقوله تعالى قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وقوله تعالى وطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة يدل على فرض ستر العورة لإخباره أنه أنزل علينا لباسا لنواري سوآتنا به وإنما قال أنزلنا لأن اللباس يكون من نبات الأرض أو من جلود الحيوان وأصوافها وقوام جميعها بالمطر النازل من السماء وقيل إنه وصفه بالإنزال لأن البركات تنسب إلى أنها تأتي من السماء كما قال تعالى وأنزلنا الحديد فيه بأس شديد ومنافع للناس لا وقوله ريشا قيل إنه الأثاث من متاع البيت نحو الفرش والدثار وقيل الريش ما فيه الجمال ومنه ريش الطائر وقوله ولباس التقوى قيل فيه إنه العمل الصالح عن ابن عباس وسماه لباسا لأنه يقي العقاب كما يقي اللباس من الثياب الحر والبرد وقال قتادة والسدي هو الإيمان وقال الحسن هو الحياء الذي يكسبهم التقوى وقال بعض أهل العلم هو لباس الصوف والخشن من التي تلبس للتواضع والنسك في العبادة وقد اتفقت الأمة على معنى ما دلت عليه الآية من لزوم فرض ستر العورة ووردت به الآثار عن النبي ص - منها حديث بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال قلت يا رسول الله عورتنا ما نأتي منها وما نذر قال احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك قلت يا رسول الله فإذا كان أحدنا خاليا قال فإن الله احق أن يستحيا منه وروى أبو سعيد الخدري عنه عليه السلام أنه قال لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل ولا المرأة إلى عورة المرأة وقد روي