وصفوه بالبخل وقالوا هو مقبوض العطاء كقوله تعالى ولا تجعل يدك مغلولة إلى عنقك ولا تبسطها كل البسط وقال الحسن قالوا هي مقبوضة عن عقابنا واليد في اللغة تنصرف على وجوه منها الجارحة وهي معروفة ومنها النعمة تقول لفلان عندي يد أشكره عليها أي نعمة ومنها القوة فقوله أولي الأيدي فسروه بأولي القوى ونحوه قول الشاعر ... تحملت من ذلفاء ما ليس لي به ... ولا للجبال الراسيات يدان ... .
ومنها الملك ومنه قوله الذي بيده عقدة النكاح يعني يملكها ومنها الاختصاص بالفعل كقوله تعالى خلقت بيدي أي توليت خلقه ومنها التصرف كقوله هذه الدار في يد فلان يعني التصرف فيها بالسكنى أو الإسكان ونحو ذلك وقيل أنه قال تعالى بل يداه على وجه التثنية لأنه أراد نعمتين أحدهما نعمة الدنيا والأخرى نعمة الدين والثاني قوتان بالثواب والعقاب على خلاف قول اليهود لأنه لا يقدر على عقابنا وقيل إن التثنية للمبالغة في صفة النعمة كقولك لبيك وسعديك وقيل في قوله تعالى غلت أيديهم يعني في جهنم روي عن الحسن قوله تعالى كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله فيه إخبار بغلبة المسلمين لليهود الذين تقدم ذكرهم في قوله وقالت اليهود يد الله مغلولة وفيه دلالة على صحة نبوة النبي ص - لأنه أخبر به عن الغيب مع كثرة اليهود وشدة شوكتهم وقد كان من حول المدينة منهم فئات تقاوم العرب في الحروب التي كانت تكون بينهم في الجاهلية فأخبر الله تعالى في هذه الآية بظهور المسلمين عليهم فكان مخبره على ما أخبر به فأجلى النبي ص - بني قينقاع وبني النضير وقتل بني قريظة وفتح خيبر عنوة وانقادت له سائر اليهود صاغرين حتى لم تبق منهم فئة تقاتل المسلمين وإنما ذكر النار ههنا عبارة عن الاستعداد للحرب والتأهب لها على مذهب العرب في إطلاق اسم النار في هذا الموضع ومنه قول النبي ص - أنا بريء من كل مسلم مع مشرك قيل لم يا رسول الله قال لا تراءى ناراهما وإنما عنى بها نار الحرب يعني أن حرب المشركين للشيطان وحرب المسلمين لله تعالى فلا يتفقان وقيل إن الأصل في العبارة باسم النار عن الحرب أن القبيلة الكبيرة من العرب كانت إذا أرادت حرب أخرى منها أوقدت النيران على رؤس الجبال والمواضع المرتفعة التي تعم القبيلة رؤيتها فيعلمون أنهم قد ندبوا إلى