ويدل عليه أيضا ما روى أشعث عن الشعبي عن سعد بن قيس أن حارثة بن بدر حارب الله وسوله وسعى في الأرض فسادا وتاب من قبل أن يقدر عليه فكتب علي Bه إلى عامله بالبصرة أن حارثة بن بدر حارب الله ورسوله وتاب من قبل أن نقدر عليه فلا تعرضن إلا بخير فأطلق عليه اسم المحارب لله ورسوله ولم يرتد وإنما قطع الطريق فهذه الأخبار وما ذكرنا من معنى الآية دليل على أن هذا الاسم يلحق قطاع الطريق وإن لم يكونوا كفارا ولا مشركين مع أنه لا خلاف بين السلف والخلف من فقهاء الأمصار أن هذا الحكم غير مخصوص بأهل الردة وأنه فيمن قطع الطريق وإن كان من أهل الملة وحكي عن بعض المتأخرين ممن لا يعتد به أن ذلك مخصوص بالمرتدين وهو قول ساقط مردود مخالف للآية وإجماع السلف والخلف ويدل على أن المراد به قطع الطريق من أهل الملة قوله تعالى إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم ومعلوم أن المرتدين لا يختلف حكمهم في زوال العقوبة عنهم بالتوبة بعد القدرة كما تسقطها عنهم قبل القدرة وقد فرق الله بين توبتهم قبل القدرة أو بعدها وأيضا فإن الإسلام لا يسقط الحد عمن وجب عليه فعلمنا أن المراد قطاع الطريق من أهل الملة وأن توبتهم من الفعل قبل القدرة عليهم هي المسقطة للحد عنهم وأيضا فإن المرتد يستحق القتل بنفس الردة دون المحاربة والمذكور في الآية من استحق القتل بالمحاربة فعلمنا أنه لم يرد المرتد وأيضا ذكر فيه نفي من لم يتب قبل القدرة عليه والمرتد لا ينفى فعلمنا أن حكم الآية جار في أهل الملة وأيضا فإنه لا خلاف أن أحدا لا يستحق قطع اليد والرجل بالكفر وأن الأسير من أهل الردة متى حصل في أيدينا عرض عليه الإسلام فإن اسلم وإلا قتل ولا تقطع يده ولا رجله وأيضا فإن الآية أوجبت قطع يد المحارب ورجله ولم توجب منه شيئا آخر ومعلوم أن المرتد لا يجوز أن تقطع يده ورجله ويخلى سبيله بل يقتل إن لم يسلم والله تعالى قد أوجب الاقتصار بهم في حال على قطع اليد والرجل دون غيره وأيضا ليس من حكم المرتدين الصلب فعلمنا أن الآية في غير أهل الردة ويدل عليه أيضا قوله تعالى قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف وقال في المحاربين إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم فشرط في زوال الحد عن المحاربين وجود التوبة منهم قبل القدرة عليهم وأسقط عقوبة الكفر بالتوبة قبل القدرة وبعدها فلما علم انه لم يرد