ومحال أن يقدر الإنسان على نفسه أو على أخيه ثم أطلق اسم الملك على التصرف فجعل المملوك في حكم المقدور عليه إذ كان له أن يصرفه تصرف المقدور عليه وإنما معناه ههنا أنه يملك تصريف نفسه في طاعة الله وأطلقه على أخيه أيضا إذ كان يتصرف بأمره وينتهي إلى قوله وقال النبي ص - ما أحدا من علي بنفسه وذات يده من أبي بكر فبكى أبو بكر وقال هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله يعني أني متصرف حيث صرفتني وأمرك جائز في مالي وقال النبي ص - لرجل أنت ومالك لأبيك ولم يرد به حقيقة الملك قوله تعالى فإنها محرمة عليهم أربعين سنة يتيهون في الأرض قال أكثر أهل العلم هو تحريم منع لأنهم كانوا يصبحون بحيث أمسوا ومقدار الموضع ستة فراسخ وقال بعض أهل العلم يجوز أن يكون تحريم التعبد لأن التحريم أصله المنع قال الله تعالى وحرمنا عليه المراضع من قبل يعني به المنع قال الشاعر يصف فرسا ... حالت لتصرعني فقلت لها اقصري ... إني امرؤ صرعي عليك حرام ... .
يعني إني فارس لا يمكنك صرعي فهذا هو أصل التحريم ثم أجرى تحريم التعبد عليه لأن الله تعالى قد منعه بذلك حكما وصار المحرم بمنزلة الممنوع إذ كان من حكم الله فيه أن لا يقع كما لا يقع الممنوع منه وقوله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم ونحوهما تحريم حكم وتعبد لا تحريم منع في الحقيقة ويستحيل اجتماع تحريم المنع وتحريم التعبد في شيء واحد لأن الممنوع لا يجوز حظره ولا إباحته إذ هو غير مقدور عليه والحظر والإباحة يتعلق بأفعالنا ولا يكون فعل لنا إلا وقد كان قبل وقوعه منا مقدورا لنا قوله تعالى واتل عليهم نبأ ابني آدم بالحق إذ قربا قربانا قال ابن عباس وعبدالله بن عمر ومجاهد وقتادة كان ابني آدم لصلبه هابيل وقابيل وكان هابيل مؤمنا وقابيل كافرا وقيل بل كان رجل سوء وقال الحسن هما من بني إسرائيل لأن علامة تقبل القربان لم يكن قبل ذلك والقربان ما يقصد به القرب من رحمة الله تعالى من أعمال البر وهو فعلان من القرب كالفرقان من الفرق والعدوان من العدو والكفران من الكفر وقيل إذا لم يتقبل من أحدهما لأنه قرب شر ماله قرب الآخر خير ماله فتقبل منه وقيل بل رد قربانه لأنه كان فاجرا وإنما يتقبل الله من المتقين وقيل كانت علامة القبول أن تجيء نار فتأكل المتقبل ولا تأكل المردود ومنه قوله تعالى حتى يأتينا بقربان تأكله النار إلى قوله تعالى