أن النبي ص - توضأ مرة مرة وقال هذا وضوء من لا يقبل الله له صلاة إلا به .
قيل له ليس في هذا الخبر ذكر الترتيب وإنما هو حديث زيد العمى عن معاوية بن قرة عن ابن عمر أن النبي ص - توضأ مرة مرة ثم قال هذا وضوء من لا يقبل الله له صلاة إلا به ثم توضأ مرتين مرتين وذكر الحديث فلم يذكر فيه أنه فعله مرتبا وليس يمتنع أن يكون قد بدأ بالذراعين قبل الوجه أو يمسح الرأس قبله ومن ادعى أنه فعله مرتبا لم يمكنه إثباته إلا برواية .
فإن قيل كيف يجوز أن يتأول عليه ترك الترتيب مع قولك إن المستحب فعله مرتبا .
قيل له جائز أن يترك المستحب إلى غيره مما هو مباح ومع ذلك فيجوز أن يكون فعله غير مرتب على وجه التعليم كما أنه أخر المغرب في حال على وجه التعليم والمستحب تقديمها في سائر الأوقات .
فإن قيل فإن لم يكن فعله مرتبا فواجب أن يكون فعله غير مرتب واجبا لقوله هذا وضوء من لا يقبل الله له صلاة إلا به .
قيل له لو قبلنا ذلك وقلنا مع ذلك إن اللفظ يقتضي وجوب فعله على ما أشار به إليه من عدم ترتيب الفعل لكنا أجزناه مرتبا بدلالة تسقط سؤالك ولكنا نقول إن قوله هذا وضوء إنما هو إشارة إلى الغسل دون الترتيب فلذلك لم يكن للترتيب فيه مدخل .
فإن احتجوا بما روي أن النبي ص - صعد الصفا وقال نبدأ بما بدأ الله به وذلك عموم في ترتيب الحكم به واللفظ جميعا قيل له هذا يدل على أن الواو لا توجب الترتيب لأنها لو كانت توجبه لما احتاج إلا تعريفه الحاضرين وهم أهل اللسان ولا دلالة فيه مع ذلك على وجوب الترتيب في الصفا والمروة فكيف به في غيره لأن أكثر ما فيه أنه إخبار عما يريد فعله من التبدئة بالصفا وإخباره عما يريد فعله لا يقتضي وجوبا كما أن فعله لا يقتضي الإيجاب وعلى أنه لو اقتضى الإيجاب لكان حكمه مقصورا على ما أخبر به وفعله دون غيره .
فإن قيل قوله ص - نبدأ بما بدأ الله به إخبار بان ما بدأ الله به في اللفظ فهو مبدوء به في المعنى لولا ذلك لم يقل نبدأ بما بدأ الله به إنما أراد التبدئة به في الفعل فتضمن ذلك إخبارا بأن الله قد بدأ به في الحكم من حيث بدأ به في اللفظ قيل له ليس هذا كما ظننت من قبل إنه يجوز أن يقول نبدأ بالفعل فيما بدأ الله به في اللفظ فيكون كلاما صحيحا مفيدا وأيضا لا يمتنع عندنا أن يريد بترتيب اللفظ ترتيب الفعل إلا أنه لا يجوز إيجابه إلا بدلالة ألا ترى أن ثم حقيقتها التراخي وقد ترد وتكون في معنى الواو كقوله تعالى ثم كان