بحديث أبي هريرة عن النبي ص - أنه قال لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه قيل له لا تجوز الزيادة في نص القرآن إلا بمثل ما يجوز به النسخ فهذا سؤال ساقط من وجهين أحدهما ما ذكرنا والآخر أن أخبار الآحاد غير مقبولة فيما عمت البلوى به وإن صح احتمل أنه يريد به نفي الكمال لا نفي الأصل كقوله لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد ومن سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له ونحو ذلك فإن قيل لما كان الحدث يبطله صار كالصلاة في الحاجة إلى ذكر اسم الله تعالى في ابتدائه قيل له قولك إن الحدث يبطل الصلاة غلط عندنا لأنه جائز بقاء الصلاة مع الحدث إذا سبقه ويتوضأ ويبني وأيضا فليست العلة في حاجة الصلاة إلى الذكر أن الحدث يبطلها وإنما المعنى أن القراءة مفروضة فيها وأيضا نقيسه على غسل النجاسة بمعنى أنه طهارة وأيضا فقد وافقونا على أن تركها ناسيا لا يمنع صحة الطهارة فبطل بذلك قولهم من وجهين أحدهما أن الصلاة يستوي في بطلانها ترك ذكر التحريمة ناسيا أو عامدا والثاني أنها لو كانت فرضا لما أسقطها النسيان إذ كانت شرطا في صحة الطهارة كسائر شرائطها المذكورة .
فصل قوله تعالى إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم الآية يدل على أن الاستنجاء ليس بفرض وأن الصلاة جائزة مع تركه إذا لم يتعد الموضع وقد اختلف الفقهاء في ذلك فأجاز أصحابنا صلاته وإن كان مسيئا في تركه وقال الشافعي لا يجزيه إذا تركه رأسا وظاهر الآية يدل على صحة القول الأول وروي في التفسير أن معناه إذا قمتم إلى الصلاة وأنتم محدثون وقال في نسق الآية أو جاء أحد منكم من الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا فحوت هذه الآية الدلالة من وجهين على ما قلنا أحدهما إيجابه على المحدث غسل هذه الأعضاء وإباحة الصلاة وموجب الاستنجاء فرضا مانع ما أباحته الآية وذلك يوجب النسخ وغير جائز نسخ الآية إلا بما يوجب العلم من النقل المتواتر وذلك غير معلوم في إيجاب الاستنجاء ومع ذلك فإنهم متفقون على أن هذه الآية غير منسوخة وأنها ثابتة الحكم وفي اتفاقهم على ذلك ما يبطل قول موجبي الاستنجاء فرضا والوجه الآخر من دلالة الآية قوله تعالى أو جاء أحد منكم من الغائط إلى آخرها فأوجب التيمم على من جاء من الغائط وذلك كناية عن قضاء الحاجة فأباح صلاته بالتيمم من غير استنجاء فدل ذلك على أنه غير فرض ويدل عليه من جهة السنة حديث علي بن يحيى بن خلاد عن