سمعه أولا من ذر ثم لقي سعيدا فأخذه عنه ولكن سماعه من ذر أثبت لوروده كذا في أكثر الروايات ثم قوله وقال الحكم يحتمل أن يكون تعليقا من البخاري ويحتمل أن يكون من كلام شعبة فيكون داخلا في إسناده كذا قاله الكرماني قلت يحتمل أن يكون من كلام النضر وهو الظاهر .
( النوع الثالث في معناه قوله الصعيد الطيب أي الأرض الطاهرة وقد مر مرة أن الصعيد وجه الأرض فعيل بمعنى مفعول أي مصعود عليه وقال قتادة الصعيد الأرض التي لا نبات فيها ولا شجر وقال أبو إسحاق الطيب النظيف وأكثر العلماء على أنه الطاهر وقيل الحلال وقيل الطيب ما تستطيبه النفس وذكر في ( الهداية ) في استدلال الشافعي على أن التيمم لا يجوز إلا بالتراب بقوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا ( النساء 34 والمائدة 6 ) أي ترابا منبتا قاله ابن عباس قلت في شرحه الذي قاله عبد الله بن عباس رواه البيهقي من جهة قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس قال أطيب الصعيد حرث الأرض والاستدلال للشافعي بهذا غير موجه لأنه غير قائل باشتراط الإنبات في التراب الذي يجوز به التيمم وقال النووي الإنبات ليس بشرط في الأصح قوله يكفيه من الماء يعني يكفي المسلم أي يجزيه عند عدم الماء .
933 - ح ( دثنا حجاج ) قال أخبرنا ( شعبة ) أخبرني ( الحكم ) عن ذر عن ( سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى ) عن أبيه قال ( عمار ) بهذا وضرب شعبة بيديه الأرض ثم أدناهما من فيه ثم مسح وجهه وكفيه .
قد ذكرنا أن البخاري أخرج هذا الحديث في هذا الباب عن ستة من المشايخ الأول موقوف يرويه عن حجاج بن منهال إلى آخره وأخرجه الطحاوي حدثنا محمد بن خزيمة قال حدثنا حجاج قال حدثنا شعبة قال أخبرني الحكم عن ذر عن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار رضي الله تعالى عنه أن رسول الله قال له إنما كان يكفيك هكذا وضرب شعبة بكفيه إلى الأرض وأدناهما من فيه فنفخ فيهما ثم مسح وجهه وكفيه ثم قال الطحاوي هكذا قال محمد بن خزيمة في إسناد هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه وإنما هو عن ذر عن ابن عبد الرحمن عن أبيه قال بعضهم أشار الطحاوي إلى أنه وهم فيه لأنه أسقط لفظة ابن ولا بد منها لأن أبزى والد عبد الرحمن لا رواية له في هذا الحديث قلت رواية محمد بن خزيمة المذكورة تبتنى على صحة قول من يقول إن أبزى والد عبد الرحمن صحابي وهو قول ابن منده فإنه جعله من الصحابة وروى بإسناده عن هشام عن عبيد الله الرازي عن بكير بن معروف عن مقاتل بن حبان عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن رسول الله أنه خطب للناس قائما ثم قال ما بال أقوام لا يعلمون جيرانهم ولا يفقهونهم ولا يعظونهم ولا يأمرونهم ولا ينهونهم الحديث ورواه إسحاق بن راهويه في ( المسند ) عن محمد بن أبي سهل عن بكير بن معروف عن مقاتل عن علقمة بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه عن جده عن النبي بهذا وقد رده أبو نعيم عليه وقال ذكر ابن منده أن البخاري ذكره في كتاب الوجدان وأخرج له حديث أبي سلمة عن ابن أبزى عن النبي ولم يقل فيه عن أبيه وقال ابن الأثير أبزى والد عبد الرحمن بن أبزى الخزاعي ذكره البخاري في الوجدان ولا يصح له صحبة ولا رواية ولابنه عبد الرحمن صحبة ورواية قلت وكذلك لم يذكر أبو عمر أبزى في الصحابة وإنما ذكر عبد الرحمن لأنه لم يصح عنده صحبة أبزى ومع هذا وقع الاختلاف في صحبة عبد الرحمن أيضا فإن ابن حبان ذكره في التابعين وقال أبو بكر بن أبي داود لم يحدث ابن أبي ليلى من التابعين إلا عن ابن أبزى وقال البخاري له صحبة وذكره غير واحد في الصحابة وقال أبو حاتم أدرك النبي وصلى خلفه روى عنه ابناه عبد الله وسعيد .
ذكر رجاله وهم سبعة الأول حجاج بن منهال الثاني شعبة بن الحجاج الثالث الحكم بن عتيبة الرابع ذر بن عبد الله الهمداني الخامس سعيد بن عبد الرحمن السادس أبوه عبد الرحمن بن أبزى السابع عمار بن ياسر رضي الله تعالى عنه .
ذكر لطائف إسناده فيه التحديث بصيغة الجمع في موضعين وفيه الإخبار بصيغة الإفراد وهو قوله أخبرني الحكم وهو رواية كريمة والأصيلي وابن المنذر وفي راية غيرهم عن الحكم وفيه العنعنة في ثلاثة مواضع وفيه عن سعيد بن عبد الرحمن وهو رواية أبي ذر وأبي الوقت وفي رواية غيرهما عن ابن عبد الرحمن .
ذكر معناه قوله قال عمار بهذا أشار به إلى سياق المتن الذي قبله من رواية آدم عن شعبة وهو كذلك إلا أنه ليس في رواية حجاج هذه قصة عمر رضي الله تعالى عنه قوله وضرب شعبة مقول الحجاج قوله ثم أدناهما أي قربهما من فيه وهي كناية عن النفخ وفيه إشارة إلى أنه كان خفيفا وفي رواية سليمان بن حرب نقل فيهما قال أهل اللغة التفل دون البزق والنفث دونه وبقية الكلام قد مرت مستوفاة .
وقال ( النضر ) أخبرنا ( شعبة ) عن ( الحكم ) قال سمعت ( ذرا ) يقول عن ( ابن عبد الرحمن ابن أبزى ) الله قال ( الحكم وقد سمعته من ابن عبد الرحمن ) عن أبيه قال قال عمار الصعيد الطيب وضوء المسلم يكفيه من الماء .
الكلام فيه على أنواع .
الأول أنه تعليق وقد وصله مسلم عن إسحاق بن منصور عن النضر وأخرجه أبو نعيم في ( مستخرجه ) من طريق إسحاق بن راهويه عنه وقال الكرماني قال النضر من كلام البخاري والظاهر أنه علق عن النضر لأنه مات سنة ثلاث ومائتين بالعراق وكان البخاري حينئذ ابن سبع سنين ببخاري .
النوع الثاني في رجاله وهم تسعة الأول النضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة ابن شميل والبقية ذكروا غير مرة وفيه القول أولا والإخبار بصيغة الجمع ثانيا والعنعنة ثالثا والقول رابعا وخامسا بينهما السماع والعنعنة سادسا والقول سابعا والسماع ثامنا والعنعنة تاسعا والقول عاشرا قوله قال الحكم الخ إشارة إلى أن الحكم كما سمع هذا الخبر من ذر سمعه أيضا من شيخ ذر وهو سعيد بن عبد الرحمن فكأنه سمعه أولا من ذر ثم لقي سعيدا فأخذه عنه ولكن سماعه من ذر أثبت لوروده كذا في أكثر الروايات ثم قوله وقال الحكم يحتمل أن يكون تعليقا من البخاري ويحتمل أن يكون من كلام شعبة فيكون داخلا في إسناده كذا قاله الكرماني قلت يحتمل أن يكون من كلام النضر وهو الظاهر .
( النوع الثالث في معناه قوله الصعيد الطيب أي الأرض الطاهرة وقد مر مرة أن الصعيد وجه الأرض فعيل بمعنى مفعول أي مصعود عليه وقال قتادة الصعيد الأرض التي لا نبات فيها ولا شجر وقال أبو إسحاق الطيب النظيف وأكثر العلماء على أنه الطاهر وقيل الحلال وقيل الطيب ما تستطيبه النفس وذكر في ( الهداية ) في استدلال الشافعي على أن التيمم لا يجوز إلا بالتراب بقوله تعالى فتيمموا صعيدا طيبا ( النساء 34 والمائدة 6 ) أي ترابا منبتا قاله ابن عباس قلت في شرحه الذي قاله عبد الله بن عباس رواه البيهقي من جهة قابوس بن أبي ظبيان عن أبيه عن ابن عباس قال أطيب الصعيد حرث الأرض والاستدلال للشافعي بهذا غير موجه لأنه غير قائل باشتراط الإنبات في التراب الذي يجوز به التيمم وقال النووي الإنبات ليس بشرط في الأصح قوله يكفيه من الماء يعني يكفي المسلم أي يجزيه عند عدم الماء .
0437 - ح ( دثنا سليمان بن حرب ) قال حدثنا ( شعبة ) عن ( الحكم ) عن ذر عن ( ابن عبد الرحمن بن أبزى ) عن أبيه أنه ( شهد عمر ) وقال له ( عمار ) كنا في سرية فأجنبنا وقال تفل فيهما .
هذه روايته الثالثة في الخبر المذكور وهي عن سليمان بن حرب يروي عن شعبة إلى آخره وأفادت روايته هذه أن عمر رضي الله تعالى عنه كان قد أجنب والدليل عليه أن اجتهاده خالف اجتهاد عمار قوله شهد أي حضر قوله وقال له عمار جملة وقعت حالا قوله في سرية بتخفيف الراء وتشديد الياء آخر الحروف وهي القطعة من الجيش يبلغ أقصاها أربع مائة تبعث إلى العدو وجمعها السرايا سموا بذلك لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم من الشيء السري النفيس وقيل سموا بذلك لأنهم يبعثون سرا وخفية وليس بالوجه لأن لام السر راء وهذه ياء قوله فأجنبنا أي صرنا جنبا والجنب يستوي فيه الواحد والمثنى والجمع والمؤنث وقد ذكرناه قوله وقال تفل فيهما أي في اليدين وهو بالتاء المثناة من فوق قال الجوهري التفل شبيه بالبزاق وهو أقل منه أوله البزق ثم التفل ثم النفث ثم النفخ والمقصود أنه قال مكان نفخ فيهما تفل فيهما .
1438 - ح ( دثنا محمد بن كثير ) أخبرنا ( شعبة ) عن ( الحكم ) عن ذر عن ( ابن عبد الرحمن بن أبزى ) عن ( عبد الرحمن ) قال قال ( عمار ) لعمر تمعكت فأتيت النبي فقال يكفيك الوجه والكفين .
هذه روايته الرابعة عن محمد بن كثير عن شعبة الخ قوله تمعكت أي تمرغت وكذا هو في رواية قوله يكفيك الوجه أي يكفيك مسح الوجه والكفين في التيمم قوله والكفين بالنصب رواية أبي ذر وكريمة وفي رواية الأصيلي وغيره والكفان بالرفع وهو الظاهر لأنه معطوف على الوجه وهو مرفوع على الفاعلية والأحسن في وجه النصب أن تكون الواو بمعنى مع أي يكفيك الوجه مع الكفين وقال الكرماني الواو بمعنى مع إذا الأصل مسح الوجه والكفين فحذف المضاف وبقي المجرور به على ما كان عليه انتهى قلت على قوله هذا ينبغي أن يكون الوجه أيضا مجرورا كالكفين وهذا له وجه إن صحت الرواية به وقال بعضهم في رواية أبي ذر يكفيك الوجه والكفين بالنصب فيهما على المفعولية إما بإضمار أعني أو التقدير يكفيك أن تمسح الوجه والكفين انتهى قلت هذا كلام من ليس له مس من العربية لأن في التقدير .
الأول يبقى الفعل بلا فاعل وهو لا يجوز وفي الثاني أخذ الفعل فاعله فلا يحتاج إلى هذا التقدير لعدم الداعي إلى ذلك والوجه ما ذكرناه .
ويستنبط منه أن التيمم هو مسح الوجه والكفين لا غير كما ذكرناه وإليه ذهب جماعة منهم أحمد وإسحاق وقال النووي رواه أبو ثور وغيره عن الشافعي في القديم وأنكره الماوردي وغيره قال هو إنكار مردود لأن أبا ثور ثقة وقال هذا القول وإن كان مرجوحا عند الأصحاب ولكنه قوي من حيث الدليل وقد ذكرنا أن المراد من هذا الحديث