جاز لعمر رضي الله تعالى عنه ترك الصلاة ( قلت ) معناه أنه لم يصل بالتيمم لأنه كان يتوقع الوصول إلى الماء قبل خروج الوقت أو أنه جعل آية التيمم مختصة بالحدث الأصغر وأدى اجتهاده إلى أن الجنب لا يتيمم قوله فتمعكت وفي الرواية الآتية بعد فتمرغت بالغين المعجمة أي تقلبت .
( ذكر استنباط الأحكام ) الأول فيه أن عمر رضي الله تعالى عنه لم يكن يرى للجنب التيمم لقول عمار له فأما أنت فلم تصل وقد ذكرنا أن البخاري لم يسق هذا الحديث بتمامه والأئمة الستة أخرجوه مطولا ومختصرا وروى أبو داود من حديث عبد الرحمن بن أبزى قال كنت عند عمر رضي الله تعالى عنه فجاءه رجل فقال إنا نكون بالمكان الشهر أو الشهرين فقال عمر أما أنا فلم أكن أصلي حتى أجد الماء قال فقال عمار يا أمير المؤمنين أما تذكر إذ كنت أنا وأنت في الإبل فأصابتنا جنابة فأما أنا فتمعكت فأتينا النبي فذكرت ذلك له فقال إنما كان يكفيك أن تقول هكذا وضرب بيديه إلى الأرض ثم نفخهما ثم مسح بهما وجهه ويديه إلى نصف الذراع فقال عمر يا عمار اتق الله فقال يا أمير المؤمنين إن شئت والله لم أذكره أبدا فقال عمر كلا والله لنولينك ما توليت الثاني فيه دليل على صحة القياس لقول عمار أما أنا فتمعكت فإنه اجتهد في صفة التيمم ظنا منه أن حالة الجنابة تخالف حالة الحدث الأصغر فقاسه على الغسل وهذا يدل على أنه كان عنده علم من أصل التيمم ثم أنه لما أخبر به النبي علمه صفة التيمم فإنه للجنابة والحدث سواء الثالث فيه صفة التيمم وهي ضربة واحدة للوجه واليدين وبه قال عطاء والشعبي في رواية والأوزاعي في أشهر قوليه وهو مذهب أحمد واسحق والطبري وقال أبو عمر وهو أثبت ما روى في ذلك عن عمار وسائر أحاديث عمار مختلف فيها وأجابوا عن هذا بأن المراد ههنا هو صورة الضرب للتعليم وليس المراد جميع ما يحصل به التيمم وقد أوجب الله غسل اليدين إلى المرفقين في الوضوء ثم قال في التيمم فامسحوا بوجوهكم وأيديكم والظاهر أن اليد المطلقة ههنا هي المقيدة في الوضوء من أول الآية فلا يترك هذا الصريح إلا بدلالة صريح ( فإن قلت ) ما تقول في حديثه تيممنا مع النبي إلى المناكب والآباط ( قلت ) ليس هو مخالفا لحديث الوجه والكفين ففي هذا دلالة أنه انتهى إلى ما علمه النبي وقال ابن أبي حازم لا يخلو أن يكون حديث عمار بأمر أولا فإن يكن عن غير أمر فقد صح عن النبي خلافه وإن كان عن أمر فهو منسوخ وناسخه حديث عمار أيضا ثم إن العلماء اختلفوا في كيفية التيمم فذهب أبو حنيفة ومالك والشافعي وأصحابهم والليث بن سعد إلى أنه ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين غير أن عند مالك إلى الكوعين فرض وإلى المرفقين اختيار وقال الحسن بن حيي وابن أبي ليلى التيمم ضربتان يمسح بكل ضربة منهما وجهه وذراعيه ومرفقيه وقال الخطابي لم يقل ذلك أحد من أهل العلم غيرهما في علمي وقال الزهري يبلغ بالتيمم الآباط وفي شرح الأحكام لابن بزيزة قالت طائفة من العلماء يضرب أربع ضربات ضربتان للوجه وضربتان لليدين وقال ابن بزيزة وليس له أصل من السنة وقال بعض العلماء يتيمم الجنب إلى المنكبين وغيره إلى الكوعين قال وهو قول ضعيف وفي القواعد لابن رشد روى عن مالك الاستحباب إلى ثلاث والفرض اثنتان وقال ابن سيرين ثلاث ضربات الثالثة لهما جميعا وفي رواية عنه ضربة للوجه وضربة للكف وضربة للذراعين انتهى ولما كانت لعمار في هذا الباب أحاديث مختلفة مضطربة وذهب كل واحد من المذكورين إلى حديث منها كان الرجوع في ذلك إلى ظاهر الكتاب وهو يدل على ضربتين ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين قياسا على الوضوء اتباعا بما روى في ذلك من أحاديث تدل على الضربتين إحداهما للوجه والأخرى لليدين إلى المرفقين منها حديث الأسلع بن شريك التميمي خادم النبي وقد ذكرناه فيما مضى عن قريب وفيه ضربتان رواه الطحاوي والطبراني والدارقطني والبيهقي ومنها حديث ابن عمر رواه الدارقطني مرفوعا من حديث نافع عن ابن عمر عن النبي قال التيمم ضربتان ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين قال الدارقطني كذا رواه علي بن طهمان مرفوعا ووقفه يحيى القطان وهشيم وغيرهما وهو الصواب ورواه الطحاوي أيضا من طرق موقوفا ومنها حديث جابر Bه رواه الدارقطني من حديث أبي الزبير عن