عليه وسلم لا نذكر إلا الحج وقد اختلفت الروايات عن عائشة في ما أحرمت به اختلافا كثيرا كما ذكره القاضي عياض ففي رواية عروة فأهلنا بعمرة وفي رواية أخرى ولم أهل إلا بعمرة وفي رواية لا نذكر إلا الحج وفي أخرى لا نرى إلا الحج وفي رواية القاسم عنها لبينا بالحج وفي أخرى مهلين بالحج واختلف العلماء في ذلك فمنهم من رجح روايات الحج وغلظ روايات العمرة وإليه ذهب إسماعيل القاضي ومنهم من جمع لثقة رواتها لأنها أحرمت أولا بالحج ولم تسق الهدي فلما أمر الشارع من لم يسق الهدي بفسخ الحج إلى العمرة إن شاء فسخت هي فيمن فسخ وجعلته عمرة وأهلت بها ثم إنها لم تحل منها حتى حاضت فتعذر عليها إتمامها والتحلل منها فأمرها أن تحرم بالحج فأحرمت فصارت قارنة ووقفت وهي حائض ثم طهرت يوم النحر فأفاضت وذكر ابن حزم أنه خيرهم بسرف بين فسخه إلى العمرة والتمادي عليه وأنه بمكة أوجب عليهم التحلل إلا من صح معه الهدي والصحيح أنها حاضت بسرف أو قريب منها فلما قدم مكة قال رسول الله اجعلوها عمرة وقال أبو عمر الاضطراب عن عائشة في حديثها في الحج عظيم وقد أكثر العلماء في توجيه الروايات فيه ودفع بعضهم بعضها فيه ببعض ولم يستطيعوا الجمع بينها ورام قوم الجمع في بعض معانيها روى محمد بن عبيد عن حماد بن زيد عن أيوب عن ابن أبي مليكة قال ألا تعجب من اختلاف عروة والقاسم قال القاسم أهلت عائشة بالحج وقال عروة أهلت بالعمرة وذكر الحارث بن مسكين عن يوسف بن عمرو عن ابن وهب عن مالك أنه قال ليس العمل في رفض العمرة لأن العمل عليه عنده في أشياء كثيرة منها أنه جائز للإنسان أن يهل بعمرة ومنها أن القارن يطوف واحدا أو غير ذلك وقال ابن حزم في المحلى حديث عروة عن عائشة منكر وخطأ عند أهل العلم بالحديث ثم روى بإسناده إلى أحمد بن حنبل فذكر حديث مالك عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة خرجنا مع رسول الله عام حجة الوداع الحديث فقال أحمد أشعر في هذا الحديث من العجب خطأ قال الأثرم فقلت له الزهري عن عروة عن عائشة بخلافه قال نعم وهشام بن عروة وفي التمهيد دفع الأوزاعي والشافعي وأبو ثور وابن علية حديث عروة هذا وقالوا هو غلط لم يتابع عروة على ذلك أحد من أصحاب عائشة وقال إسماعيل بن اسحق قد اجتمع هؤلاء يعني القاسم والأسود وعمرة على أن أم المؤمنين كانت محرمة بحجة لا بعمرة فعلمنا بذلك أن الرواية عن عروة غلط الثاني أن ظاهر قولها يا رسول الله هذه ليلة عرفة إلى آخره يدل على أنه E أمرها برفض عمرتها وأن تخرج منها قبل تمامها وفي التوضيح وبه قال الكوفيون في المرأة تحيض قبل الطواف وتخشى فوات الحج أنها ترفض العمرة وقال الجمهور أنها تردف الحج وتكون قارنة وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأبو ثور وحمله بعض المالكية على أنه أمرها بالإرداف لا بنقض العمرة واعتذروا عن هذه الألفاظ بتأويلات أحدها أنها كانت مضطرة إلى ذلك فرخص لها كما رخص لكعب بن عجرة في الحلق للأذى ثانيها أنه خص بها ثالثها أن المراد بالنقض والامتشاط تسريح الشعر لغسل الإهلال بالحج ولعلها كانت لبدت رأسها ولا يتأنى إيصال الماء إلى البشرة مع التلبيد إلا بحل الظفر والتسريح وقد اختلف العلماء في نقض المرأة شعرها عند الاغتسال فأمر به ابن عمر والنخعي ووافقهما طاووس في الحيض دون الجنابة ولا يتبين بينهما فرق ولم توجبه عليها فيها عائشة وأم سلمة وابن عمر وجابر وبه قال مالك والكوفيون والشافعي وعامة الفقهاء والعبرة بالوصول فإن لم يصل فتنقض الثالث أن قول عائشة تمتعت بعمرة يدل على أنها كانت معتمرة أولا قال النووي فإن قلت أصح الروايات عن عائشة أنها قالت لا نرى إلا الحج ولا نذكر إلا الحج وخرجنا مهلين بالحج فكيف الجمع بينها وبين ما قالت تمتعت بعمرة قلت الحاصل أنها أحرمت بالحج ثم فسخته إلى العمرة حين أمر الناس بالفسخ فلما حاضت وتعذر عليها إتمام العمرة أمرها النبي بالإحرام بالحج فأحرمت به فصارت مدخلة الحج على العمرة وقارنة لما ثبت من قوله يكفك طوافك لحجك وعمرتك ومعنى امسكي من عمرتك ليس إبطال لها بالكلية والخروج منها بعد الإحرام بنية الخروج وإنما تخرج منها بالتحلل بعد فراغها بل معناه إمضي العمل فيهما وإتمام أفعالها وأعرضي عنها ولا يلزم من نقض الرأس والامتشاط إبطال العمرة لأنها جائزان عندنا في الإحرام بحيث لا ينتف شعر الكن يكره الامتشاط إلا لعذر وتأولوا فعلها على أنها كانت معذورة بأن كان برأسها أذى وقيل ليس المراد