وقال عطاء عن جابر حاضت عائشة فنسكت المناسك كلها غير الطواف بالبيت لا تصلى .
عطاء هو ابن أبي رباح وجابر بن عبد الله الأنصاري وهذا قطعة من حديث ذكره البخاري موصولا في كتاب الأحكام في باب قول النبي لو استقبلت من أمري ما استدبرت حدثنا الحسن بن عمر حدثنا يزيد عن حبيب عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال كنا مع رسول الله فلبينا بالحج وقدمنا مكة إلى أن قال وكانت عائشة قدمت مكة وهي حائض فأمرها النبي أن تنسك المناسك كلها غير أنها لا تطوف ولا تصلي حتى تطهر الحديث .
قوله فنسكت بفتح السين والمعنى أقامت بأمور الحج كلها غير الطواف بالبيت والصلاة وقال صاحب ( التلويح ) وتبعه صاحب ( التوضيح ) قوله ولا تصلى يحتمل أن يكون من كلام عطاء أو من كلام البخاري والله أعلم .
وقال الحكم إني لا ذبح وأنا جنب وقال الله ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ( سورة الأنعام 121 ) .
الحكم بفتح الحاء المهملة وفتح الكاف ابن عتيبة بضم العين المهلمة وفتح التاء المثناة من فوق وسكون الياء آخر الحروف وفتح الباء الموحدة الكوفي وقد تقدم في باب السمر بالعلم وهذا التعليق وصله البغوي في ( الجعديات ) من روايته عن علي بن الحعد عن شعبة عنه قوله إني لأذبح أي أني لأذبح الذبيحة والحال أني جنب ولكن لا بد أن أذكر الله تعالى يحكم هذه الآية وهي ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه ( سورة الأنعام 121 ) وأراد بهذا أن الذبح مستلزم شرعا لذكر الله بمقتضى هذه الآية فدل على أن الجنب يجوز له التلاوة .
واعلم أن البخاري ذكر في هذا الباب ستة من الآثار إلى هنا واستدل بها على جواز قراءة الجنب القرآن وفي كل ذلك مناقشة ورد عليه الجمهور بأحاديث وردت بمنع الجنب عن قراءة القرآن .
ومنها حديث علي رضي الله تعالى عنه أخرجه الأربعة فقال أبو داود حدثنا حفص بن عمر قال أخبرنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله ابن سلمة قال دخلت على علي رضي الله تعالى عنه أنا ورجلان رجل منا ورجل من بني إسد أحسبد فبعثهما علي بعثا وقال إنكما علجان فعالجان عن دينكما ثم قام فدخل المخرج ثم خرج فدعا بماء فأخذ منه حفنة فتمسح بها ثم جعل يقرأ القرآن فأنكروا ذلك فقال إن رسول الله كان يجيء من الخلاء فيقرإ بنا القرآن ويأكل معنا اللحم لا يحجزه عن القرآن شيء ليس الجنابة فإن قلت ذكر البزار أنه لا يروى عن علي إلا حديث عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة وحكى البخاري عن عمرو بن مرة كان عبد الله يعني ابن سلمة يحدثنا فتعرق وتنكر وكان قد كبر ولا يتابع في حديثه وذكر الشافعي هذا الحديث وقال وإن لم يكن أهل الحديث يثبتونه وقال البيهقي وإنما توقف الثاني في ثبوت هذا الحديث لأن مداره على عبد الله بن سلمة الكوفي وكان قد كبر وأنكر من حديث وعقله بعض النكرة وإنما روى هذا الحديث بعد كبر قاله شعبة وذكر الخطابي أن الإمام أحمد كان يوهن حديث علي هذا ويضعف أمر عبد الله بن سلمة وذكره ابن الجوزي في ( الضعفاء والمتروكين ) وقال النسائي يعرف وينكر قلت الترمذي لما أخرجه قال حديث حسن صحيح وصححه ابن حبان أيضا وقال الحاكم في عبد الله بن سلمة أنه غير مطعون فيه وقال العجلي تابعي ثقة وقال ابن عدي أرجو أنه لا بأس به قوله لا يحجزه بالزاي المعجمة أي لا يمنعه ويروى بالراء المهملة بمعناه ويروي لا يحجبه بمعناه أيضا ومنها حديث ابن عرم أخرجه الترمذي وابن ماجه عن إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة عن ابن عمر قال قال رسول الله لا يقرأ الحائض ولا الجنب شيئا من القرآن وضعف هذا الحديث بإسماعيل بن عياش قال البيهقي روايته عن أهل الحجاز ضعيفة لا يحتج بها قاله أحمد ويحيى وغيرهما من الحفاظ ومنها حديث جابر رواه الدارقطني في ( سننه ) من حديث محمد بن الفضل عن أبيه عن طاووس عن جابر مرفوعا نحوه ورواه ابن عدي في ( الكامل ) وأعله بمحمد بن الفضل وأغلظ في تضعيفه عن البخاري والنسائي وأحمد وابن معين قلت وربما يعتضدان بحديث علي المذكور ولم يصح عن البخاري في هذا الباب حديث فلذلك ذهب إلى جواز قراءة الجنب والحائض أيضا واستدل على ذلك بما صح عنده وعند غيره من حديث عائشة الذي رواه مسلم الذي ذكر عن قريب قال الطبري في ( كتاب التهذيب ) الصواب أن ما روي عنه E من ذكر الله على كل أحيائه وأنه كان يقرأ ما لم يكن جنبا أن قراءته طاهرا اختيار منه لأفضل الحالتين