الجنب واليهودي والنصراني قال أبو محمد وهذه تفاريق لا دليل على صحتها انتهى كلامه .
والجواب عما قاله فقوله بأن الآثار التي احتج بها من لم يجز للجنب مسه إلخ ليس كذلك فإن أكثر الآثار في ذلك صحاح منها ما رواه الدارقطني في ( سننه ) بسند صحيح متصل عن أنس خرج عمر بن الخطاب متقلدا السيف فدخل على أخته وزوجها خباب وهم يقرؤون سورة طه فقال أعطوني الكتاب الذي عندكم فاقرؤوه فقالت له أخته إنك رجس ولا يمسه إلا المطهرون ( سورة الواقعة 79 ) فقم فاغتسل أو توضأ فقام وتوضأ ثم أخذ الكتاب بيده والعجب من أبي عمر بن عبد البر إذ ذكره في سيرا ابن إسحاق وقال هو معضل وتبعه على ذلك أبو الفتح القشيري وهذا أعجب منه وقال السهيلي هو من أحاديث السير ومنها ما رواه الدارقطني أيضا بسند صحيح من حديث سالم يحدث عن أبيه قال رسول الله لا يمس القرآن إلا طاهر ولما ذكره الجوزقاني في كتابه قال هذا حديث مشهور حسن ومنها ما رواه الدارقطني أيضا من حديث الزهري عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده أن رسول الله كتب إلى أهل اليمن كتابا فيه لا يمس القرآن إلا طاهر ورواه في ( الغرائب ) من حديث إسحاق إلطباع عن مالك مسندا ومن الطريق الأولى خرجه الطبراني في ( الكبير ) وابن عبد البر والبيهقي في ( الشعب ) .
وقد وردت أحاديث كثيرة بمنع قراءة القرآن للجنب والحائض منها حديث عبد الله بن رواحة رضي الله تعالى عنه حمنهى رسول الله أن يقرأ أحدنا القرآن وهو جنبحم قال أبو عمر رويناه من وجوه صحاح ومنها حديث عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي رضي الله تعالى عنه يرفعه لا يحجبه عن قراءة القرآن شيء إلا الجنابة صححه جماعة منهما بن خزيمة وابن حبان وأبو علي الطوسي والترمذي والحاكم والبغوي في ( شرح السنة ) وفي ( سؤالات الميموني ) قال شعبة ليس أحد يحدث بحديث أجود من ذا وفي ( كامل ) ابن عدي عنه لم يرو عمرو وأحسن من هذا وكان شعبة يقول هذا ثلث رأس مالي وخرجه ابن الجارود في ( المنتقى ) زاد ابن حبان قد يتوهم غير المتحر في الحديث أن حديث عائشة رضي الله تعالى عنها كان يذكر الله تعالى على أحيائه بعارض هذا وليبس كذلك لأنها أرادت الذكر الذي هو غير القرآن إذ القرآن يجوز أن يسمى ذكرا وكان لا يقرأ وهو جنب ويقرؤه في سائر الأحوال ومنها حديث جابر أن النبي قال لا يقرأ الحائض ولا الجنب ولا النفساء القرآن شيئا رواه الدارقطني ثم البيهقي وقال سنده صحيح ومنها حديث أبي موسى قال رسول الله يا علي لا تقرأ القرآن وأنت جنب وعن الأسود أخرجه ابن أبي شيبة في ( مصنفه ) بسند لا بأس به وإبراهيم لا يقرأ الجنب وعن الشعبي وأبي وائل مثله بزيادة والحائض .
والجواب عن الكتاب إلى هرقل فنحن نقول به لمصلحة الإبلاغ والإنذار وأنه لم يقصد به التلاوة .
وأما الجواب عن الآية بأن المراد بالمطهرين الملائكة كما قاله قتادة والربيع به أنس وأنس بن مالك ومجاهد بن جبير وغيرهم ونقله السهيلي عن مالك وأكدوا هذا بقوله المطهرين ولم يقل المتطهرين إن تخصيص الملائكة من بين سائر المتطهرين على خلاف الأصل وكلهم مطهرون والمس والإطلاع عليه إنما هو لبعضهم دون الجمبع .
4 - ( حدثنا أبو نعيم الفضل بن دكين سمع زهيرا عن منصور بن صفية أن أمه حدثته أن عائشة حدثتها أن النبي كان يتكيء في حجري وأنا حائض ثم يقرأ القرآن ) .
قال صاحب التوضيح وجه مناسبة إدخال حديث عائشة فيه أن ثيابها بمنزلة العلاقة والشارع بمنزلة المصحف لأنه في جوفه وحامله إذ غرض البخاري بهذا الباب الدلالة على جواز حمل الحائض المصحف وقراءتها القرآن فالمؤمن الحافظ له أكبر أوعيته قلت ليس في الحديث إشارة إلى الحمل وفيه الاتكاء والاتكاء غير الحمل وكون الرجل في حجر الحائض لا يدل على جواز الحمل وغرض البخاري الدلالة على جواز القراءة بقرب موضع النجاسة لا على جواز حمل الحائض للمصحف وبهذا رد الكرماني على ابن بطال في قوله وغرض البخاري في هذا الباب أن يدل على جواز حمل الحائض للمصحف وقراءتها القرآن قلت رده عليه إنما يستقيم في قوله وقراءتها القرآن لأنه ليس في الحديث ما يدل على جواز قراءة الحائض القرآن والذي فيه يدل على جواز قراءة القرآن في حجر الحائض وعلى جواز حمل المصحف لها بعلاقته فأورد حديثا وأثرا