66 - .
( باب أبوال الابل والدواب والغنم ومرابضها ) .
أي هذا باب في بيان حكم أبوال الإبل إلى آخره إنما جمع الأبوال لأنه ليس المراد ذكر حكم بول الإبل فقط بل المراد بيان حكم بول الإبل وبول الدواب وبول الغنم ولكن ليس في البا إلا ذكر بول الإبل فقط ولا واحد للإبل من لفظها وهي مؤنثة لأن أسماء الجموع التي واحد لها من لفظها إذا كانت لغير الآدميين فالتأنيث لها لازم وقد تسكن الباء فيه للتخفيف والجمع آبال والدواب جمع دبة وهي في اللغة اسم لما يدب على وجه الأرض فيتناول سائر الحيوانات وفي العرف اسم لذي الأربع خاصة وقال الكرماني المراد ههنا معناه العرفي وهو ذوات الحوافر يعني الخيل والبغال والحمير قلت ليس معناه العرفي منحصرا في هذه بل يطلق على كل ذي أربع والبخاري لم يذكر في هذا الباب إلا حديثين أحدهما يفهم منه حكم بول الإبل والآخر يفهم منه جواز الصلاة في مرابض الغنم فعلى هذا ذكر لفظه الدواب لا فائدة فيه وقال بعضهم ويحتمل أن يكون من عطف العام على الخاص قلت هو كذلك فأي شيء ذكر الاحتمال فيه وفيه عطف الخاص على العام أيضا وهو عطف الغنم على الدواب قوله ومرابضها بالجر عطف على قوله والغنم وهو جمع مربض بفتح الميم وكسر الباء الموحدة من ربض بالمكان يربض من باب ضرب يضرب إذا ألصق به وأقام ملازما له والمربض المكان الذي يربض فيه والمرابض للغنم كالمعاطن للإبل وربوض الغنم كبروك الجمل وقال بعضهم المربض بكسر الميم وفتح الموحدة قلت هو غلط صريح ليس لقائله مس بالعلوم الادبية والضمير في مرابضها يرجع إلى الغنم وقال بعضم الضمير يعود على أقرب مذكور قلت هذا قريب مما قلنا .
فان قلت ما وجه مناسبة هذا الباب بما قبله قلت يجوز أن يكون من حيث إن كلا منهما يشتمل على شيء وهو نجس في نفسه على قول من يقول بنجاسة المني ونجاسة بول الإبل وعلى قول من يقول بطهارتهما يكون وجه المناسبة بينهما في كونهما على السواء في الطهارة .
وصلى أبو موسي Bه في دار البرهيده والسرقين والبرية إلى جنبه فقال ههنا وثم سواء .
هذا الاثر وصله أبو نعيم شيخ البخاري في كتاب ( الصلاة ) له قال حدثنا الأعمش عن مالك بن الحارث هو السلمي الكوفي عن أبيه قال صلى بنا أبو موسى في دار البريد وهناك سرقين الدواب والبرية على الباب فقالوا لو صليت على الباب فذكره وهذا تفسير لما ذكره البخاري معلقا وأخرجه ابن أبي شيبة أيضا في ( مصنفه ) فقال ثنا وكيع الأعمش عن مالك بن الحارث عن أبيه قال كنا مع أبي موسى في دار البريد فحضرت الصلاة فصلى بنا على روث وتبن فقلنا لا نصلي ههنا والبرية إلى جنبك فقال البرية وههنا سواء وقال ابن حزم روينا من طريق شعبة وسفيان كلاهما عن الأعمش عن مالك بن الحارث عن أبيه قال صلى بنا أبو موسى على مكان فيه سرقين وهذا لفظ سفيان وقال شعبة روث الدواب قال ورويناه من طريق غيرهما والصحراء أمامه وقال ههنا وهناك سواء وأبو موسى الاشعري اسمه عبد الله بن قيس تقدم في باب أي الإسلام أفضل قوله في دار البريد وهي دار ينزلها من يأتي برسالة السلطان والمراد من دار البريد ههنا موضع بالكوفة كانت الرسل تنزل فيه إذا حضروا من الخلفاء إلى الأمراء وكان أبو موسى رضي الله تعالى عنه أميرا على الكوفة في زمن عمر وفي زمن عثمان Bهما وكان الدار في طرف البلد ولهذا كانت البرية إلى جنبها و البريد بفتح الباء الموحدة المرتب والرسول وإثنا عشر ميلا قاله الجوهري قوله والسرقين بكسر السين المهملة وسكون الراء هو الزبل وحكى فيه ابن سيده فتح أوله وهو فارسي معرب ويقال له السرجين بالجيم وهو في الأصل حرف بين القاف والجيم يقرب من الكاف قوله والبرية بتشديد الياء آخر الحروف الصحراء قال صاحب ( المحكم ) هي منسوبة إلى البر والجمع البراري قوله جنبه الجنب والجانب والجنبة الناحية ويقال قعدت إلى جنب فلان وإلى جانب فلان بمعنى قوله وثم بفتح الثاء المثلثة وتشديد الميم وهو اسم يشار به إلى المكان البعيد نحو وأزلفنا ثم الآخرين ( الشعراء 64 ) وهو ظرف لا يتصرف فلذلك غلط من أعربه مفعولا لرأيت في قوله تعالى واذا رأيت ثم رأيت ( الإنسان 20 ) قوله سواء يعني في صحة الصلاة ثم اعلم أن قوله والسرقين يجوز أن يكون معطوفا على الدار وعلى البريد قال الكرماني ويروى بالرفع ولم يذكر وجهه قلت وجه أن يكون مبتدأ وقوله والبرية بالرفع عطف عليه