تخالف آخرها حيث حكم بدونها قلت لا تخالف لأن الخصم اعترف بذلك مع أن المال لرسول الله له أن يعطي من شاء ويمنع من شاء .
قال لي عبد الله عن الليث فقام النبي فأداه إلي .
عبد الله هو ابن صالح كاتب الليث بن سعد والبخاري يعتمده في الشواهد قوله فقام يعني موضع فأمر .
وقال أهل الحجاز الحاكم لا يقضي بعلمه شهد بذالك في ولايته أو قبلها ولو أقر خصم عنده لآخر بحق في مجلس القضاء فإنه لا يقضي عليه في قول بعضهم حتى يدعو بشاهدين فيحضرهما إقراره .
وقال بعض أهل العراق ما سمع أو رآه في مجلس القضاء قضاى به وما كان في غيره لم يقض إلا بشاهدين وقال آخرون منهم بل يقضي به لأنه مؤتمن وإنما يراد من الشهادة معرفة الحق فعلمه أكثر من الشهادة وقال بعضهم يقضي بعلمه في الأموال ولا يقضي في غيرها .
أراد بأهل الحجاز مالكا ومن وافقه في هذه المسألة قوله ولو أقر خصم إلى قوله فيحضرهما إقراره بضم الياء من الإحضار وهو قول ابن القاسم وأشهب قوله وقال بعض أهل العراق أراد بهم أبا حنيفة ومن تبعه وهو قول مطرف وابن الماجشون وأصبغ وسحنون من المالكية وقال ابن التين وجرى به العمل ويوافقه ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن ابن سيرين قال اعترف رجل عند شريح بأمر ثم أنكره فقضى عليه باعترافه فقال أتقضي علي بغير بينة فقال شهد عليك ابن أخت خالتك يعني نفسه قوله وقال آخرون منهم أي من أهل العراق وأراد بهم أبا يوسف ومن تبعه ووافقهم الشافعي C تعالى قوله وقال بعضهم يعني من أهل العراق وأراد بهم أبا حنيفة وأبا يوسف فيما نقله الكرابيسي عنه .
وقال القاسم لا ينبغي للحاكم أن يمضي قضاء بعلمه دون علم غيره مع أن علمه أكثر من شهادة غيره ولاكن فيه تعرضا لتهمة نفسه عند المسلمين وإيقاعا لهم في الظنون وقد كره النبي الظن فقال إنما هاذه صفية .
القاسم إذا أطلق يراد به ابن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قاله الكرماني وقال بعضهم كنت أظن أنه ابن محمد بن أبي بكر الصديق أحد الفقهاء السبعة من أهل المدينة لأنه إذا أطلق في الفروع الفقهية انصرف الذهن إليه لكن رأيت في رواية عن أبي ذر أنه القاسم بن عبد الرحمان بن عبد الله بن مسعود فإن كان كذلك فقد خالف أصحابه الكوفيين ووافق أهل المدينة انتهى قلت الكلام في صحة رواية أبي ذر على أن هذه المسألة فقهية وعند الفقهاء إذا أطلق القاسم يراد به القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ولئن سلمنا صحة رواية أبي ذر فإطباق الفقهاء على أنه إذا أطلق يراد به ابن محمد بن أبي بكر أرجح من كلام غيرهم قوله أن يمضي بضم الياء آخر الحروف من الإمضاء هكذا في رواية الكشميهني وفي رواية غيره أن يقضي قوله دون علم غيره أي إذا كان وحده عالما به لا غيره قوله ولكن فيه تعرضا بتشديد النون وتعرضا منصوب لأنه اسم لكن وفي بعض النسخ بالتخفيف فعلى هذا قوله تعرض بالرفع وارتفاعه على أنه مبتدأ وخبره قوله فيه مقدما قوله وإيقاعا نصب عطفا على تعرضا وقال الكرماني منصوب بأنه مفعول معه والعامل هاهنا ما يلزم الظرف قوله وقد كره النبي الظن ذكره في معرض الاستدلال في نفي قضاء الحاكم في أمر بعلمه دون علم غيره لأن فيه إيقاع نفسه في الظن والنبي كره الظن إلا يرى أنه قال للرجلين اللذين مرا به وصفية بنت حيي زوجته معه إنما هذه صفية على ما يأتي الآن عقيب هذا الأثر إنما قال ذلك خوفا من وقوع الظن الفاسد لهما في قلبهما لأن الشيطان