16 - .
( باب متى يستوجب الرجل القضاء ) .
أي هذا باب يذكر فيه متى يستوجب الرجل أي متى يستحق أن يكون قاضيا وقال الكرماني أي متى يصير أهلا للقضاء أو متى يجب عليه القضاء .
وقال الحسن أخذ الله على الحكام أن لا يتبعوا الهواى ولا يخشوا الناس ولا يشتروا بآياته ثمنا قليلا ثم قرأ بل هم اليوم مستسلمون وقرأ إنآ أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهدآء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بئاياتى ثمنا قليلا ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولائك هم الكافرون وقرأ وداوود وسليمان إذ يحكمان فى الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان وكلا ءاتينا حكما وعلما وسخرنا مع داوود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين فحمد سليمان ولم يلم داود ولولا ما ذكر الله من أمر هاذين لرأيت أن القضاة هلكوا فإنه أثنى على هاذا بعلمه وعذر هاذا باجتهاده .
أي قال الحسن البصري C أخذ الله أي ألزم الله على الحكام بضم الحاء جمع حاكم أن لا يتبعوا الهوى أي هوى النفس وهو ما تحبه وتشتهيه من هوى يهوى من باب علم يعلم هوى والنهي عن اتباع الهوى أمر بالحكم بالحق قوله ولا يخشوا الناس نهي عن خشيتهم وفي النهي عن خشيتهم أمر بخشية الله ومن لازم خشية الله الحكم بالحق قوله ولا يشتروا بآياته أي بآيات الله ثمنا قليلا وهكذا في بعض النسخ وفي بعضها ولا تشتروا بآياتي وفي النهي عن بيع آياته الأمر باتباع ما دلت عليه وإنما وصف الثمن بالقلة إشارة إلى أنه وصف لازم له بالنسبة للعوض فإنه أعلى من جميع ما حوته الدنيا قوله ثم قرأ أي قرأ الحسن البصري قوله تعالىيا داوود إنا جعلناك خليفة أي صيرناك خلفا عمن كان قبلك في الأرض أي على الملك من الأرض كمن يستخلفه بعض السلاطين على بعض البلاد ويملكه عليها قوله فاحكم بين الناس بالحق أي بالعدل الذي هو حكم الله قوله ولا تتبع الهوى أي لا تمل مع ما تشتهي إذا خالف أمر الله تعالى قوله فيضلك منصوب على الجواب وقيل مجزوم عطفا على النهي وفتح اللام لالتقاء الساكنين قوله عن السبيل الله أي عن دلائله التي نصبها في العقول أو عن شرائعه التي شرعها وأوحى بها قولهبما نسوا أي بنسيانهم يوم الحساب ويوم الحساب متعلق بنسوا أو بقوله لهم أي لهم عذاب شديد يوم القيامة بسبب نسيانهم وهو ضلالهم عن سبيل الله قوله وقرأ أي الحسن البصري قوله فيها هدى أي بيان ونور الفتيا الكاشف للشبهات وذلك أن اليهود استفتوا النبي في أمر الزانيين فأنزل الله تعالى هذه الآية قوله وصفهم بالإسلام لا على أن غيرهم من النبيين لم يكونوا مسلمين وهو كقوله الذين يتبعون الرسول النبى الأمى الذى يجدونه مكتوبا عندهم فى التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث ويضع عنهم إصرهم والاغلال التى كانت عليهم فالذين ءامنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذى أنزل معه أولائك هم المفلحون قل ياأيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا الذى له ملك السماوات والارض لا إلاه إلا هو يحى ويميت فئامنوا بالله ورسوله النبى الأمى الذى يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون الآية لا أن غيره لم يؤمن بالله وقيل أراد الذين انقادوا لحكم الله لا الإسلام الذي هو ضد الكفر وقيل أسلموا أنفسهم لله وقيل بما في التوراة قوله إنآ أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والاحبار بما استحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهدآء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بئاياتى ثمنا قليلا ومن لم يحكم بمآ أنزل الله فأولائك هم الكافرون أي تابوا من الكفر قاله ابن عباس وقال الحسن هم اليهود ويجوز أن يكون فيها تقديم وتأخير أي للذين هادوا يحكم بها النبيون قوله والربانيون العلماء الحكماء وهو جمع رباني وأصله رب العلم والألف والنون فيه للمبالغة وقال مجاهد هم فرق الأحبار والأحبار العلماء لأنهم يحبرون الشيء وهو في صدورهم محبر قولهبما استحفظوا من كتاب الله استودعوا هذا