الحدث وتقييده بوقت اللبس أمر زائد لا يفهم من العبارة فإذا تقرر هذا على هذا لم يكن الحديث حجة على صاحب ( الهداية ) بل هو حجة له حيث اشترط الطهارة لأجل جواز المسح وحجة عليه حيث يأخذ منه ما ليس يدل على مدعاه وقال الطحاوي معنى قوله أدخلتهما طاهرتين يجوز أن يقال غسلتهما وإن لم يكمل الطهارة صلى ركعتين قبل أن يتم صلاته ويحتمل أن يريد طاهرتان من جنابة أو خبث ولو قلت دخلنا البلد ونحن ركبان يشترط أن يكون كل واحد راكبا عند دخوله ولا يشترط افترانهم في الدخول فتكون كل واحدة من رجليه عند إدخالها الخف طاهرة إذا لم يدخلهما الخفين معا وهما طاهرتان لأن إدخالهما معا غير متصور عادة وإن أراد إدخال كل واحدة الخف وهي طاهرة بعد الأخرى فقد وجد المدعي ومع هذا فإن هذه المسألة مبنية على أن الترتيب شرط عند الشافعي وليس بشرط عندنا وقال هذا القائل أيضا ولابن خزيمة من حديث صفوان بن عسال أمرنا رسول الله أن نمسح على الخفين إذا نحن أدخلناهما على طهر ثلاثا إذا سافرنا ويوما وليلة إذا أقمنا قال ابن خزيمة ذكرته للمزني فقال لي حدث به أصحابنا فإنه أقوى حجة للشافعي قلت فإن كان مراده من قوله فإنه من أقوى حجة كون مدة المسح للمسافر ثلاثة أيام وللمقيم يوما وليلة فمسلم ونحن نقول به وإن كان مراده اشتراط الطهارة وقت اللبس فلا نسلم ذلك لأنه لا يفهم ذلك من نص الحديث على ما ذكرناه الآن وقال أيضا وحديث صفوان وإن كان صحيحا لكنه ليس على شرط البخاري لكن حديث الباب موافق له في الدلالة على اشتراط الطهارة عند اللبس قلت بعد أن صح حديث صفوان عند جماعة من المحدثين لا يلزم أن يكون على شرط البخاري وقوله موافق له في الدلالة إلى آخره غير مسلم في كون الطهارة عند اللبس نعم موافق له في مطلق اشتراط الطهارة لا غير فإن ادعى هذا القائل أنه يدل على كونها عند اللبس فعليه البيان بأي نوع من أنواع الدلالة الثالث من الأحكام فيه خدمة العالم وللخادم أن يقصد إلى ما يعرف من خدمته دون أن يأمر بها الرابع فيه إمكان الفهم عن الإشارة ورد الجواب بالعلم على ما يفهم من الإشارة لأن المغيرة أهوى لينزع الخفين ففهم عنه ما أراد فأجاب بأنه يجزيه المسح الخامس فيه أن من لبس خفيه على غير طهارة انه لا يمسح عليهما بلا خلاف .
50 - .
( باب من لم يتوضأ من لحم الشاة والسويق ) .
أي هذا باب في حكم من لم يتوضأ من أكل لحم الشاة قيد بلحم الشاة ليندرج ما هو مثلها وما هو دونها في حكمها قوله والسويق بالسين والصاد لغة فيه لمكان المضارعة والجمع أسوقة وسمي بذلك لانسياقه في الخلق والقطعة من السويق سويقة وعن أبي حنيفة الجذيذة السويق لأن الحنطة جذت له يقال جذذت الحنطة للسويق وقال أبو حاتم إذا أرادوا أن يعملوا الفريصة وهي ضرب من السويق ضربوا من الزرع ما يريدون حين يستفرك ثم يسهمونه وتسهيمه أن يسخن على المقلى حتى ييبس وإن شاؤا جعلوا معه على المقلى الفودنج وهو أطيب الأطعمة وعاب رجل السويق بحضرة أعرابي فقال لا تعبه فإنه عدة المسافر وطعام العجلان وغذاء المبتكر وبلغة المريض وهو يسر فؤاد الحزين ويرد من نفس المحرور وجيد في التسمين ومنعوت في الطب وفقارة لحلق البلغم وملتوته يصفي الدم وإن شئت كان شرابا وإن شئت كان طعاما وإن شئت ثريدا وإن شئت خبيصا وثريت السويق صببت عليه ماء ثم لتيته وفي ( مجمع الغرائب ) ثرى يثري ثرية إذا بل التراب وإنما بل السويق لما كان لحقه من اليبس والقدم وهو شيء يتخذ من الشعير أو القمح يدق فيكون شبه الدقيق إذا احتيج إلى أكله خلط بماء أو لبن أو رب أو نحوه وقال قوم الكعك قال السفاقسي قال بعضهم كان ملتوتا بسمن وقال الداودي هو دقيق الشعير والسلت المقلو ويرد قول من قال إن السويق هو الكعك قول الشاعر .
( يا حبذا الكعك بلحم مثرود .
وخشكنان مع سويق مقنود ) .
وقال ابن التين ليس في حديثي الباب ذكر السويق وقال بعضهم أجيب بأنه دخل من باب أولى لأنه إذا لم يتوضأ من اللحم مع دسومته فعدمه من السويق أولى ولعله أشار بذلك إلى الحديث في الباب الذي بعد قلت وإن سلمنا ما قاله