في باب ما يحذر من زينة الدنيا فإنه أخرجه هناك عن محمد بن بشار عن غندر عن ( شعبة ) عن أبي جمرة عن زهدم عن عمران ابن حصين .
قوله قرني أي أهل قرني الذين أنا فيهم وهم الصحابة قوله ثم الذين يلونهم أي ثم قرن الذين يلون قرني وهم التابعون قوله ثم الذين يلونهم وهم أتباع التابعين قوله ينذرون بكسر الذال وضمها قوله ولا يفون وفي رواية الكشميهني ولا يوفون وأصله يوفيون لأنه من أوفي إيفاء استثقلت الضمة على الياء فنقلت إلى ما قبلها فاجتمع ساكنان وهم الياء والواو فحذفت الياء فصار يوفون على وزن يفعون ولم تحدف الواو لأنها علامة الجمع وكذا الكلام في لا يفون قوله ويخونون أي خيانة ظاهرة حتى لا يؤتمنون أي لا يعتقدونهم أمناء قوله ويشهدون أي يتحملون الشهادة بدون التحميل أو يؤدونها بدون الطلب وشهادة الحسبة في التحمل خارجة عنه بدليل آخر قوله ويظهر فيهم السمن بكسر السين وفتح الميم أي يتكثرون بما ليس فيهم من الشرف أو يجمعون الأموال أو يغفلون عن أمر الدين لأن الغالب على السمين أن لا يهتم بالرياضة والظاهر أنه حقيقة في معناه لكن إذا كان مكتسبا لا خلقيا ويقال معنى ويظهر فيهم السمن أنه كناية عن رغبتهم في الدنيا وإيثارهم شهواتها على الآخرة وما أعد الله فيها لأوليائه من الشهوات التي لا تنفد والنعيم الذي لا يبيد يأكلون في الدنيا كما تأكل الأنعام ولا يقتدون بمن كان قبلهم من السلف الذين كانت همتهم من الدنيا في أخذ القوت والبلغة وتأخير شهواتهم إلى الآخرة .
82 - .
( باب النذر في الطاعة ) .
أي هذا باب في بيان حكم النذر في الطاعة وقال بعضهم يحتمل أن يكون باب بالتنوين ويريد بقوله النذر في الطاعة حصر المبتدأ في الخبر فلا يكون نذر المعصية نذرا شرعيا .
قلت لهذا الاحتمال وجه ولكن قوله باب منون لا يقال كذلك لأن المنون هو المعرب والمعرب جزء المركب نحو قولك زيد قائم فإن زيدا وحده لا يكون معربا وكذا قائم وحده وكذا لفظ باب لا يكون معربا إلا بالتقدير الذي قدرناه .
وقوله ( 2 ) وما أنفقتم من نفقة أو نذرتم من نذر فإن الله يعلمه وما للظالمين من أنصار ( البقرة072 ) .
ساق هذه الآية غير أبي ذر إلى قوله من أنصار ذكرها ههنا إشارة إلى أن الذي أوقع الثناء على فاعل النذر هو ما نذر في الطاعة لأن النذر في الطاعة واجب الوفاء به عند الجمهور لمن قدر عليه والنذر على أربعة أقسام أحدها طاعة كالصلاة الثاني معصية كالزنا الثالث مكروه كنذر ترك التطوع الرابع مباح كنذر أكل بعض المباحات ولبسه واللازم والطاعة والقربة عملا بحديث الباب ولا يلزم العمل بما عداه عملا ببقية الحديث .
6966 - حدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( مالك ) عن ( طلحة بن عبد الملك ) عن ( القاسم ) عن ( عائشة ) Bها عن النبي قال من نذر أن يطيع الله فليطعه ومن نذر أن يعصيه فلا يعصه .
مطابقته للترجمة ظاهرة وأبو نعيم الفضل بن دكين وطلحة بن عبد الملك الأيلي بفتح الهمزة وسكون الياء آخر الحروف نزيل المدينة ثقة من طبقة ابن جريج والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه .
والحديث أخرجه أبو داود في النذر عن القعنبي وأخرجه الترمذي فيه عن قتيبة عن مالك به وأخرجه النسائي أيضا عن قتيبة وغيره وأخرجه ابن ماجه في الكفارات عن أبي بكر بن أبي شيبة وقال أبو عمر قال قوم من أهل الحديث إن طلحة تفرد بهذا الحديث عن القاسم قيل ليس كذلك فقد تابعه أيوب ويحيى بن أبي كثير عن ابن حيان ورواه الطحاوي أيضا من حديث عبد الرحمن بن مجبر بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الباء الموحدة عن القاسم .
قوله أن يطيع الله كلمة مصدرية والإطاعة أعم من أن تكون في واجب أو مستحب قوله فليطعه مجزوم لأنه جواب الشرط قوله فلا يعصه مجزوم أيضا لأنه جواب الشرط ويروى من نذر أن يعصى الله