فيتمسحون به من باب التفعل وهو يأتي لمعان ومعناه ههنا العمل ليدل على أن أصل الفعل حصل مرة بعد مرة نحو تجرعه أي شربه جرعة بعد جرعة والمعنى ههنا كذلك لأن كل واحد منهم يمسح به وجهه ويديه مرة بعد أخرى ويجوز أن يكون للتكلف لأن كل واحد منهم لشدة الازدحام على فضل وضوئه كان يتعانى لتحصيله كتشجع وتصبر قوله عنزة بالتحريك أقصر من الرمح وأطول من العصار وفيه زج كزج الرمح .
وأما الإعراب فقوله يقول في محل النصب على أنه مفعول ثان لسمعت على قول من يقول إن السماع يستدعي مفعولين والأظهر أنه حال قوله بالهاجر الباء فيه ظرفية بمعنى في الهاجرة قوله يأخذونه في محل النصب لأنه خبر جعل الذي هو من أفعال المقاربة قوله عنزة مرفوع بالابتداء وخبره مقدما قوله بين يديه والجملة حالية .
بيان إستنباط الأحكام الأول فيه الدلالة الظاهرة على طهارة الماء المستعمل إذا كان المراد أنهم كانوا يأخذون ما سال من أعضائه وإن كان المراد أنهم كانوا يأخذون ما فضل من وضوئه في الإناء فيكون المراد منه التبرك بذلك والماء طاهر فازداد طهارة ببركة وضع النبي يده المباركة فيه الثاني فيه الدلالة على جواز التبرك بآثار الصالحين الثالث فيه قصر الرباعة في السفر لأن الواقع كان في السفر وصرح في رواية أخرى أن خروجه وهذا كان من قبة حمراء من أدم بالأبطح بمكة الرابع فيه نصب العنزة ونحوها بين يدي المصلي إذا كان في الصحراء .
وقال أبو موسى دعا النبي بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه ومج فيه ثم قال لهما اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما .
قال الإسماعيلي ليس هذا من الوضوء في شيء وإنما هو مثل من استشفى بالغسل له فغسل قلت أراد بهذا الكلام أنه لا مطابقة له للترجمة ولكن فيه مطابقة من حيث إنه E لما غسل يديه ووجهه في القدح صار الماء مستعملا ولكنه طاهر إذ لو لم يكن طاهرا لما أمر بشربه وإفراغه على الوجه والنحر وهذا الماء طاهر وطهور أيضا بلا خلاف ولكنه إذا وقع مثل هذا من غير النبي E يكون الماء على حاله طاهرا ولكن لا يكون مطهرا على ما عرف .
بيان ما فيه من الأشياء الأول أن أبا موسى هو الأشعري واسمه عبد الله بن قيس تقدم في باب أي الإسلام أفضل .
الثاني أن أن هذا تعليق وهو طرف من حديث مطول أخرجه البخاري في المغازي وأوله عن أبي موسى قال كنت عند النبي بالجعرانة ومعه بلال Bه فأتاه أعرابي قال ألا تنجز لي ما وعدتني قال إبشر الحديث وفيه دعا بقدح فيه ماء فغسل يديه الحديث وأخرج أيضا قطعة منه في باب الغسل والوضوء في المخضب وأخرجه مسلم أيضا في فضائل النبي E .
الثالث القدح بفتحين هو الذي يؤكل فيه قاله ابن الأثير قلت القدح في استعمال الناس اليوم الذي يشرب فيه قوله ومج فيه اي صب ما تناوله من الماء بفيه في الإناء وقال ابن الاثير مج لعابه إذا قذفه وقيل لا يكون مجا حتى تباعد به قوله قال لهما أي لأبي موسى وبلال رضي الله تعالى عنهما وكان بلال مع أبي موسى حاضرا عند النبي E قوله وأفرغا من الإفراغ قوله ونحو ركما بالنون جمع نحر وهو الصدر .
الرابع فيه الدلالة على طهارة الماء المستعمل على الوجه الذي ذكرناه وفيه جواز مج الريق في الماء قاله الكرماني قلت هذا في حق النبي لأن لعابه أطيب من المسك ومن غيره يستقذر ولهذا كره العلماء والنبي E مقامه أعظم وكانوا يتدافعون على نخامته ويدلكون بها وجوههم لبركتها وطيبها وخلوفه ما كان يشابه خلوف غيره وذلك لمناجاته الملائكة فطيب الله نكهته وخلوف فمه وجميع رائحته وقال ابن بطال فيه دليل على أن لعاب البشر ليس بنجس ولا بقية شربه وذلك يدل على أن نهيه E عن النفخ في الطعام والشراب ليس على سبيل أن ما تطاير فيه من اللعاب نجس وإنما هو خشية أن يتقذرة الآكل منه فأمر بالتأدب في ذلك وقال أيضا وحديث ابي موسى يحتمل أن يكون النبي أمر بالشرب من الذي مج فيه والإفراغ على الوجوه والنحور من أجل مرض أو شيء أصابهما قال الكرماني لم يكن ذلك من أجل ما ذكره بل كان لمجرد التيمن