ذلك لأن اختلاف اللفظين يجوز ذلك ويحتمل أن يكون عطف تفسير قوله ثلاثة غرفات قال الكرماني يحتمل أن يراد بها أنها كانت للمضمضة ثلاثا وللاستنشاق ثلاثا أو كانت الثلاث لهما ولهذا هو الظاهر قلت الظاهر هو الأول لا الثاني لأنه ثبت فيما رواه الترمذي وغيره أنه مضمض واستنشق ثلاثا فان قلت لا يعلم أن كل واحدة من الثلاث بغرفة قلت قد قلنا لك فيما مضى إن البويطي روى عن الشافعي أنه روى عنه أنه يأخذ ثلاث غرفات للمضمضة وثلاث غرفات للاستنشاق وكل ما روي من خلاف هذا فهو محمول على الجواز قوله ثم أدخل يده يدل على أنه اغترف بإحدى يديه هكذا هو في باقي الروايات وفي مسلم وغيره ولكن وقع في رواية ابن عساكر وأبي الوقت من طريق سليمان ابن بلال الآتية ثم أدخل يديه بالتثنية وليس كذلك في رواية أبي ذر ولا الأصيلي ولا في شيء من الروايات خارج الصحيح قاله النووي ثم غسل يديه مرتين المراد غسل كل يد مرتين كما تقدم من طريق مالك ثم غسل يديه مرتين مرتين وليس المراد توزيع المرتين على اليدين ليكون لكل يد مرة واحدة قوله إلى المرفقين المرفق بكسر الميم وبفتح الفاء هو العظم الناتىء في الذراع سمي بذلك لأنه يرتفق في الإتكاء ونحوه قوله إلى الكعبين الكعب هو العظم الناتيء عند ملتقى الساق والقدم قال بعضهم وحكي عن أبي حنيفة أنه العظم الذي في ظهر القدم عند معقد الشراك قلت هذا مختلق على أبي حنيفة ولم يقل به أصلا بل نقل ذلك عن محمد بن الحسن وهو أيضا غلط لأن هذا التفسير فسره محمد في حق المحرم إذا لم يجد نعلين يلبس خفين يقطعهما أسفل من الكعبين بالتفسير الذي ذكره .
40 - .
( باب استعمال فضل وضوء الناس ) .
أي هذا باب في بيان استعمال فضل وضوء الناس في التطهر وغيره والوضوء بفتح الواو والمراد من فضل الوضوء يحتمل أن يكون ما يبقى في الظرف بعد الفراغ من الوضوء ويحتمل أن يراد به الماء الذي يتقاطر عن أعضاء المتوضىء وهو الماء الذي يقول له الفقهاء الماء المستعمل واختلف الفقهاء فيه فعن ابي حنيفة ثلاث روايات فروى عنه أبو يوسف أنه نجس مخفف وروى الحسن بن زياد أنه نجس مغلظ وروى محمد بن الحسن وزفر وعافية القاضي أنه طاهر غير طهور وهو اختيار المحققين من مشايخ ما وراء النهر وفي ( المحيط ) وهو الأشهر الأقيس وقال في ( المفيد ) وهو الصحيح وقال الأسبيجابي وعليه الفتوى وقال قاضيخان ورواية التغليظ رواية شاذة غير مأخوذ بها وبه يرد على ابن حزم قوله الصحيح عن ابي حنيفة نجاسته وقال عبد الحميد القاضي أرجو أن لا تثبت رواية النجاسة فيه عن ابي حنيفة وعند مالك طاهر وطهور وهو قول النخعي والحسن البصري والزهري والثوري وأبي ثور وعند الشافعي طاهر غير طهور وهو قوله الجديد وعند زفر إن كان مستعمله طاهرا فهو طاهر وطهور وإن محدثا فهو طاهر غير طهور وقوله استعمال فضل وضوء الناس أعم من أن يستعمل للشرب أو لإزالة الحدث أو الخبث أو للاختلاط بالماء المطلق فعلى قول النجاسة لا يجوز استعماله أصلا وعلى قول الطهورية يجوز استعماله في كل شيء وعلى قول الطاهرية فقط يجوز استعماله للشرب والعجين والطبخ وإزالة الخبث والفتوى عندنا على أنه طاهر غير طهور كما ذهب إليه محمد بن الحسن .
والمناسبة بين البابين من حيث إن الباب السابق في صفة الوضوء وهذا الباب في بيان الماء الذي يفضل من الوضوء .
وأمر جرير بن عبد الله أهله أن يتوضؤوا بفضل سواكه .
هذا الأثر غير مطابق للترجمة أصلا فإن الترجمة في استعمال فضل الماء الذي يفضل من المتوضىء والأثر هو الوضوء بفضل السواك ثم فضل السواك إن كان ما ذكره ابن التين وغيره أنه هو الماء الذي ينتقع به السواك فلا مناسبة له للترجمة أصلا لأنه ليس بفضل الوضوء وإن كان المراد أنه الماء الذي يغمس فيه المتوضىء سواكه بعد الاستياك فكذلك لا يناسب الترجمة وقال بعضهم أراد البخاري أن هذا الصنيع لا يغير الماء فلا يمنع التطهر به قلت من له أدنى ذوق من الكلام لا يقول هذا الوجه في تطابق الأثر للترجمة وقال ابن المنير إن قيل ترجم على استعمال فضل الوضوء ثم ذكر