سمعه الذي يسمع به لفظة به في رواية الكشميهني لا غيره قال الداودي هذا كله من المجاز يعني أنه يحفظه كما يحفظ العبد جوارحه لئلا يقع في مهلكة وقال الخطابي هذه أمثال والمعنى والله أعلم توفيقه في الأعمال التي باشرها بهذه الأعضاء وتيسير المحبة له فيها بأن يحفظ جوارحه عليه ويعصمه من موافقة ما يكره الله تعالى من الإصغاء إلى اللهو مثلا ومن النظر إلى ما نهى عنه ومن البطش بما لا يحل له ومن السعي في الباطل برجله أو بأن يسرع في إجابة الدعاء والإلحاح في الطلب وذلك أن مساعي الإنسان إنما تكون بهذه الجوارح الأربع قوله وبصره الذي يبصر به وفي حديث عائشة في رواية عبد الواحد عينه التي يبصر بها وفي رواية يعقوب بن مجاهد عينيه اللتين يبصر بهما وكذا قال في الأذن واليد والرجل وزاد عبد الواحد في روايته وفؤاده الذي يعقل به ولسانه الذي يتكلم به وقيل المعنى إجعل له مقاصده كأنه ينالها بسمعه وبصره إلى آخره وقيل كنت له في النصرة كسمعه وبصره ويده ورجله في المعاونة على عدوه وقيل فيه مضاف محذوف والتقدير كنت حافظ سمعه الذي يسمع به فلا يسمع إلا ما يحل سماعه وحافظ بصره كذلك إلى آخره قيل إن الاتحادية زعموا أنه على حقيقته وأن الحق عين العبد واحتجوا بمجيء جبريل E في صورة دحية قالوا فهو روحاني خلع صورته وظهر بمظهر البشر قالوا فالله أقدر على أن يظهر في صورة الوجود الكلي أو ببعضه تعالى الله سبحانه عما يقول الظالمون علوا كبيرا قوله يبطش بكسر الطاء قوله وإن سألني أي عبدي وكذا وقع في رواية عبد الواحد قوله لأعطينه اللام للتأكيد والهمزة مضمومة والفعل مؤكد بالنون الثقيلة قوله استعاذ بي بالباء الموحدة بعد الذال المعجمة وقيل بالنون موضع الباء قوله لأعيذنه أي مما يخاف فإن قيل كثير من الصلحاء والعباد دعوا وبالغوا ولم يجابوا قيل له الإجابة تتنوع فتارة يقع المطلوب بعينه على الفور وتارة يقع ولكن يتأخر الحكم وتارة قد تقع الإجابة ولكن بغير المطلوب حيث لا يكون في المطلوب مصلحة ناجزة وفي الواقع مصلحة ناجزة أو أصلح منها قوله وما ترددت عن شيء التردد مثل لأنه محال على الله وقال الخطابي التردد في حق الله غير جائز والبداء عليه في الأمور غير سائغ لكن له تأويلان أحدهما أن العبد قد يشرف على الهلاك في أيام عمره من داء يصيبه أو فاقة تنزل به فيدعو الله فيشفيه منها ويدفع عنه مكروهها فيكون ذلك من فعله كترديد من يريد أمرا ثم يبدو له فيه فيتركه ويعرض عنه ولا بد من لقائه إذا بلغ الكتاب أجله لأن الله قد كتب الفناء على خلقه واستأثر بالبقاء لنفسه والثاني أن يكون معناه ما رددت رسلي في شيء أنا فاعله كترديدي إياهم في نفس المؤمن كما روى في قصة موسى عليه السلام وما كان من لطمه عين ملك الموت وتردده إليه مرة بعد أخرى قال وحقيقة المعنى على الوجهين عطف الله على العبد ولطفه به وشفقته عليه قوله وإساءته ويروى مساءته أي حياته لأنه بالموت يبلغ إلى النعيم المقيم لا في الحياة أولأن حياته تؤدي إلى أرذل العمر وتنكيس الخلق والرد إلى أسفل سافلين أو أكره مكروهه الذي هو الموت فلا أسرع بقبض روحه فأكون كالمترددشر .
93 - .
( باب قول النبي بعثت أنا والساعة كهاتين ) .
أي هذا باب فيه قول النبي بعثت إلى آخره قال الكرماني الساعة بالرفع والنصب واختصر على هذا .
قلت وجه النصب أن الواو بمعنى مع ومنهم من منع الرفع لفساد المعنى لأنه لا يقال بعثت الساعة وجزم عياض بأن الرفع أحسن لأنه عطف على ضمير المجهول في بعثت قوله كهاتين أي الإصبعين السبابة والوسطى .
وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب إن الله على كل شيء قدير ( النحل77 ) .
تقديره وقول الله D وما أمر الساعة الآية بتمامها في رواية الأكثرين وفي رواية أبي ذر وما أمر الساعة إلا كلمح البصر الآية وإنما قلنا تقديره وقول الله D لأنه يوهم أن تكون بقية الحديث على أن في بعض النسخ وقول الله موجود قوله وما أمر الساعة أي وما شأن القيامة إلا كلمح البصر اللمح سرعة إبصار الشيء أو هو أي أمر الساعة أقرب من لمح البصر