فيحمدوا صاحبها والسمعة بضم السين المهملة وسكون الميم قال بعضهم هي مشتقة من السماع .
قلت السمعة اسم والسماع مصدر والاسم لا يشتق من المصدر ومعنى السمعة التنويه بالعمل وتشهيره ليراه الناس ويسمعوا به والفرق بينهما أن الرياء يتعلق بحاسة البصر والسمعة بحاسة السمع .
9446 - حدثنا ( مسدد ) حدثنا ( يحيى ) الله عن ( سفيان ) حدثني ( سلمة بن كهيل ) .
( ح ) وحدثنا ( أبو نعيم ) حدثنا ( سفيان ) عن ( سلمة ) قال سمعت ( جندبا ) يقول قال النبي ولم أسمع أحدا يقول قال النبي غيره فدنوت منه فسمعته يقول قال النبي من سمع سمع الله به ومن يرائي يرائي الله به .
مطابقته للترجمة ظاهرة ويحيى هو ابن سعيد القطان وسفيان هو الثوري في الطريقين وأبو نعيم هو الفضل بن دكين وجندب بضم الجيم وسكون النون وفتح الدال المهملة وضمها ابن عبد الله البجلي بالباء الموحدة والجيم المفتوحتين وهو من صغار الصحابة .
وأخرج هذا الحديث من طريقين والسند الثاني أعلى من الأول .
ورجاله كوفيون ولم يكتف به مع علوه لأن في الرواية الأولى ما ليس في الثانية وهو جلالة القطان وتصريح سفيان بالتحديث عن سلمة ولفظ ( ح ) بين الطريقين إشارة إلى التحويل من إسناد إلى إسناد آخر قبل ذكر الحديث أو إلى الحائل أو إلى صح أو إلى الحديث ويتلفظ عند القراءة بلفظة ( حا ) مقصورا .
والحديث أخرجه مسلم في آخر الكتاب عن أبي بكر عن وكيع عن الثوري وعن إسحاق بن إبراهيم عن أبي نعيم به وعن غيرهما وأخرجه ابن ماجه في الزهد عن هارون بن إسحاق عن محمد بن عبد الوهاب عن الثوري به .
قوله ولم أسمع أحدا يقول قال النبي غيره أي قال سلمة بن كهيل لم أسمع أحدا إلى آخره وقال الكرماني لم أسمع أي لم يبق من أصحاب النبي حينئذ غيره في ذلك المكان ورد عليه بعضهم بأنه ليس كذلك فإن جندبا كان بالكوفة إلى أن مات وكان بها في حياة جندب أو جحيفة السوائي وكانت وفاته بعد جندب بست سنين وعبد الله بن أبي أوفى وكانت وفاته بعد جندب بعشرين سنة وقد روى سلمة بن كهيل عن كل منهما فيتعين أن يكون مراده أنه لم يسمع منهما ولا من أحدهما ولا من غيرهما ممن كان موجودا من الصحابة بغير الكوفة بعد أن سمع من جندب الحديث المذكور عن النبي شيئا انتهى .
قلت إنما رد هذا القائل بما قاله بعد أن قال احترز بقوله وذلك عمن كان من الصحابة موجودا إذ ذاك بغير المكان الذي كان فيه جندب ثم قال وليس كذلكإلى آخره وفيه نظر لأن للكرماني أن يقول مرادي من قولي في ذلك المكان المكان الذي كان جندب معدا فيه لإسماع الحديث ولم يكن هناك من أصحاب النبي حينئذ غيره وإن كان أبو جحيفة وابن أبي أوفى موجودين في الكوفة حينئذ والعجب من هذا القائل يفسر كلام الكرماني بحسب ما يفهمه ثم يرد عليه .
وفي الصحابة من يسمى بجندب خمسة أنفس جندب بن جنادة أبو ذر الغفاري وجندب بن مكين الجهني وجندب بن ضمرة الجندعي وجندب بن كعب العبدي وجندب بن عبد الله البجلي وهو الذي روى عنه سلمة بن كهيل والأشهر منهم أبو ذر الغفاري فقال خليفة بن خياط مات جندب يعني أبا ذر سنة اثنتين وثلاثين بالربذة قرية من قرى المدينة في خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه وصلى عليه ابن مسعود وأما جندب المذكور في هذا الحديث فلم يذكر أحد تاريخ وفاته فكيف يقول هذا القائل وكانت وفاة أبي جحيفة بعد جندب بست سنين وكانت وفاة أبي جحيفة في سنة أربع وسبعين وقال الواقدي توفي في ولاية بشر بن مروان وكانت وفاة ابن أبي أوفى سنة سبع وثمانين قاله البخاري فكيف يقول وكانت وفاته بعد جندب بعشرين سنة فأحسب التفاوت بين تاريخي وفاة أبي جحيفة وابن أبي أوفى وبين تاريخ جندب .
قوله من سمع بتشديد الميم من التسميع وهو التشهير وإزالة الخمول بنشر الذكر وقال الخطابي أي عمل عملا على غير إخلاص وإنما يريد أن يراه الناس ويسمعوه جوزي على ذلك بأن يشهره الله تعالى ويفضحه ويظهر ما كان يبطنه وقيل إن قصد بعمله الجاه والمنزلة عند الناس ولم يرد به وجه الله تعالى فإن الله يجعله حديثا عند