عليه وسلم لو كان لي مثل أحد ذهبا لسرني أن لا تمر علي ثلاث ليال وعندي منه شيء إلا شيئا أرصده لدين .
مطابقته للترجمة ظاهرة وأحمد بن شبيب بفتح الشين المعجمة وكسر الباء الموحدة الأولى ابن سعيد الحبطي بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة وبالطاء المهملة نسبة إلى الحبطات من بني تميم البصري وهو من أفراد البخاري وضعفه ابن عبد البر تبعا لأبي الفتح الأزدي والأزدي غير مرضي فلا يتبع في ذلك .
قلت فلذلك قال في ( رجال الصحيحين ) روى عنه البخاري في غير موضع مقرونا إسناده بإسناد آخر وأبوه شبيب بن سعيد روى عنه ابنه أحمد في الاستقراض ومناقب عثمان مفردا وفي غير موضع مقرونا ويونس هو ابن يزيد .
قوله وقال الليث إلى آخره ذكره البخاري تقوية لرواية أحمد بن شبيب .
والحديث مضى في الاستقراض عن أحمد بن شبيب أيضا قوله مثل أحد ذهبا في رواية الأعرج لو أن أحدكم عندي ذهبا قوله لسرني جواب لو التي للتمني وهو ماض مثبت كما في قولك لو قام لقمت وذكر بعضهم في شرحه ما يسرني بلفظ المضارع وبكلمة ما النافية ثم نقل كلام ابن مالك بما ملخصه إن جواب لو التي للتمني يكون ماضيا مثبتا وهنا وقع مضارعا منفيا ثم أجاب بما ملخصه أن المضارع هنا وقع موضع الماضي وأيضا أن الأصل ما كان يسرني فحذف كان وهو جواب .
وفي هذا الحديث إشارة إلى أن المؤمن لا ينبغي له أن يتمنى كثرة المال إلا بشرط أن يسلطه الله تعالى على إنفاقه في طاعته اقتداه بالشارع في ذلك وفيه أن المبادرة إلى الطاعة مطلوبة وفيه أنه كان يكون عليه دين لكثرة مواساته بقوته وقوت عياله وإيثاره على نفسه أهل الحاجة وفيه الرضا بالقليل والصبر على خشونة العيش .
51 - .
( باب الغنى غنى النفس ) .
أي هذا باب يذكر فيه الغنى غنى النفس سواء كان الشخص متصفا بالمال الكثير أو القليل والغنى بالكسر مقصور وربما مده الشاعر للضرورة وهو من الصوت ممدود والغناء بالفتح والمد الكفاية وقال بعضهم باب بالتنوين .
قلت ليس كذلك لأن التنوين علامة الإعراب ولفظ باب مفرد والمعرب جزء المركب .
وقول الله تعالى أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين ( المؤمنون55 ) إلى قوله تعالى من دون ذلك هم لها عاملون ( المؤمنون36 ) .
في رواية أبي ذر إلى عاملون وبقية هذه الآية بعد بنين نسارع لهم في الخيرات بل لا يشعرون ( المؤمنون65 ) ثم من بعد هذه الآية إلى قوله وهم لها عاملون ثمان آيات أخرى فالجملة تسع آيات ساقها الكرماني كلها في شرحه ثم قال غرض البخاري من ذكر الآية أن المال مطلقا ليس خيرا قوله أيحسبون الآية نزلت في الكفاء وليست بمعارضة لدعائه لأنس بكثرة المال والولد والمعنى أيحسبون أن ما نمدهم به أي نعطيهم ونزيدهم من مال وبنين مجازاة لهم وخيرا بل هو استدراج لهم ثم بين المسارعين إلى الخيرات من هم فقال إن الذين هم من خشية ربهم مشفقون ( المؤمنون75 ) أي خائفون والذين هم بآيات ربهم يؤمنون ( المؤمنون85 ) أي يصدقون وهذه الآية والتي بعدها في مدح هؤلاء المتقين قوله والذين يؤتون ( المؤمنون95 ) أي يعطون ما أعطوا من الزكاة والصدقات والحال أن قلوبهم وجلة أي خائفة أن لا يقبل منهم قوله يسارعون يقول سارعت وأسرعت بمعنى واحد إلا أن سارعت أبلغ من أسرعت قوله وهم لها أي إليها والتقدير وهم يسابقونها قوله إلا وسعها يعني إلا ما يسعها قوله ولدينا كتاب يعني اللوح المحفوظ ينطق بالحق يعني يشهد بما عملوه قوله بل قلوبهم في غمرة إضراب عن وصف المتقين وشروع في وصف الكفار أي في غفلة عن الإيمان بالقرآن قاله مقاتل وقيل في عماية من هذا أي من القرآن قوله لهم أعمال من دون ذلك أي أعمال سيئة دون الشرك وقيل دون أعمال المؤمنين قوله هم لها عاملون إخبار عما سيعملونه من الأعمال الخبيثة التي كتبت عليهم لا بد أن يعملوها