مدار أمر الحصر على المقامات واعتقاد السامعين لا على ما في الواقع فالمقام الأول اقتضى استثناء كلب الصيد والثاني استثناء كلب الحرث فصارا مستثنيين فلا منافاة في ذلك .
5482 - حدثنا ( عبد الله بن يوسف ) أخبرنا ( مالك ) عن ( نافع ) عن ( عبد الله بن عمر ) قال قال رسول الله من اقتنى كلبا إلا كلب ماشية أو ضار نقص من عمله كل يوم قيراطان .
هذا طريق آخر في الحديث المذكور عن عبد الله بن يوسف إلى آخره قوله أو ضار أي أو إلا كلب ضار والمعنى إلا كلبا ضاريا قوله من عمله ويروى من أجره .
7 - .
( باب إذا أكل الكلب ) .
أي هذا باب يذكر فيه أكل الكلب من الصيد وجواب إذا محذوف تقديره إذا أكل الكلب من الصيد لا يؤكل ولم يذكره اعتمادا على ما يفهم من متن الحديث .
وقوله تعالى يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات وما علمتم من الجوارح مكلبين الصوائد والكواسب اجترحوا اكتسبوا تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم إلى قوله سريع الحساب ( المائدة4 ) .
قوله مرفوع عطفا على قوله باب لأنه مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف كما قلنا وسبب نزول هذه الآية ما رواه ابن أبي حاتم حدثنا أبو زرعة حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير حدثني عبد الله بن لهيعة حدثني عطاء بن دينار وعن سعيد بن جبير أن عدي بن حاتم ويزيد بن المهلهل الطائيين سألا رسول الله فقالا يا رسول الله قد حرم الله الميتة فماذا يحل لنا منها فنزلت يسألونك الآية قوله قل أحل لكم الطيبات يعني الذبائح الحلال طيبة لهم قاله سعيد بن جبير وقال مقاتل بن حيان الطيبات ما أحل لهم من كل شيء أن يصيبوه وهو الحلال من الرزق قوله وما علمتم من الجوارح أي وأحل لكم ما اصطدتموه بما علمتم من الجوارح وهي الكلاب والفهود والصقور وأشباه ذلك وهذا مذهب الجمهور من الصحابة والتابعين والأئمة وممن قال ذلك علي بن أبي طلحة عن ابن عباس Bهما في قوله تعالى ما علمتم من الجوارح مكلبين وهي الكلاب المعلمة والبازي وكل طير يعلم للصيد وروى ابن أبي حاتم عن خيثمة وطاووس ومجاهد ومكحول ويحيى ابن أبي كثير أن الجوارح الكلاب الضواري والفهود والصقور وأشباهها قوله مكلبين حال من قوله مما علمتم وهو جمع مكلب وهو مؤدب الجوارح ومضربها بالصيد لصاحبها ورائضها لذلك وقال بعضهم مكلبين مؤدبين فليس هو تفعيل من الكلب الحيوان المعروف إنما هو من الكلب بفتح اللام وهو الحرص انتهى قلت هذا تركيب فاسد ومعنى غير صحيح ودعوى اشتقاق من غير أصله ولم يقل به أحد بل الذي يقال هنا ما قاله الزمخشري الذي هو المرجع إليه في التفسير وهو أنه قال واشتقاقه أي اشتقاق مكلبين من الكلب لأن التأديب أكثر ما يكون في الكلاب فاشتق من لفظه لكثرته في جنسه فإن قلت قال الزمخشري أيضا ومن الكلب الذي هو بمعنى الضراوة يقال هو كلب بكذا إذا كان ضاربا به قلت نحن ما ننكر أن يكون اشتقاق مكلبين من غير الكلب الذي هو الحيوان وإنما أنكرنا على هذا القائل قوله وليس هو تفعيل من الكلب وإنما هو الكلب بفتح اللام فالذي له أدنى مسكة من علم التصريف لا يقول بهذه العبارة وأيضا فقد فسر الكلب بفتح اللام بمعنى الحرص وليس كذلك معناه هاهنا وإنما معناه مثل ما قاله الزمخشري وهو معنى الضراوة قوله الصوائد جمع صائدة والكواسب جمع كاسبة وهو صفة لقوله الجوارح وقال بعضهم صفة محذوف تقديره الكلاب الصوائد قلت هذا أيضا فيه ما فيه بل هي صفة للجوارح كما قلنا وقوله الصوائد رواية الكشميهني ولغيره الكواسب قوله الصوائد والكواسب وقوله اجترحوا اكتسبوا ليس من الآية الكريمة بل هو معترض بين قوله مكلبين وبين قوله ( تعلمونهن ) فذكر الصوائد والكواسب تفسيرا للجوارح وذكر اجترحوا بمعنى اكتسبوا استطرادا لبيان أن