وقال قوم لها السكنى بكل حال والنفقة إذا كانت حاملا وهم عبد الرحمن بن مهدي ومالك والشافعي وأبو عبيدة واحتج أصحابنا فيما ذهبوا إليه بأن عمر وعائشة وأسامة بن زيد ردوا حديث فاطمة بنت قيس وأنكروه عليها وأخذوا في ذلك بما رواه الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال لا ندع كتاب ربنا وسنة نبينا لقول امرأة وهمت أو نسيت وكان عمر يجعل لها النفقة والسكنى وروى مسلم حدثنا أبو أحمد حدثنا عمار بن زريق عن أبي إسحاق قال كنت مع الأسود بن يزيد جالسا في المسجد الأعظم ومعنا الشعبي فحدث الشعبي حديث فاطمة بنت قيس أن رسول الله لم يجعل لها سكنى ولا نفقة ثم أخذ الأسود كفا من حصا فحصبه به فقال ويلك تحدث بمثل هذا قال عمر رضي الله تعالى عنه لا نترك كتاب الله وسنة نبينا بقول امرأة لا ندري حفظت أو نسيت لها السكنى والنفقة قال الله تعالى لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ( الطلاق1 ) وأخرجه أبو داود ولفظه لا ندري أحفظت أو لا وأخرجه النسائي ولفظه قال عمر لها إن جئت بشاهدين يشهدان أنهما سمعاه من رسول الله وإلا لم نترك كتاب الله لقول امرأة .
الفصل الثاني في حكم خروج المبتوتة بالطلاق من بيتها في عدتها فمنعت من ذلك طائفة روي ذلك عن ابن مسعود وعائشة وبه قال سعيد بن المسيب والقاسم وسالم وأبو بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد وسليمان بن يسار وقالوا تعتد في بيت زوجها حيث طلقها وحكى أبو عبيد هذا القول عن مالك والثوري والكوفيين وأنهم كانوا يرون أن لا تبيت المبتوتة والمتوفى عنها زوجها إلا في بيتها وفيه قول آخر أن المبتوتة تعتد حيث شاءت روي ذلك عن ابن عباس وجابر وعطاء وطاووس والحسن وعكرمة وكان مالك يقول المتوفى عنها زوجها تزور وتقيم إلى قدر ما يهدأ الناس بعد العشاء ثم تنقلب إلى بيتها وهو قول الليث والشافعي وأحمد وقال أبو حنيفة تخرج المتوفى عنها نهارا ولا تبيت إلا في بيتها ولا تخرج المطلقة ليلا ولا نهارا قال محمد لا تخرج المطلقة ولا المتوفى عنها زوجها ليلا ولا نهارا في العدة وقام الإجماع على أن الرجعية تستحق السكنى والنفقة إذ حكمها حكم الزوجات في جميع أمورها .
وقوله تعالى ( 65 ) واتقوا الله ربكم لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة كبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ( الطلاق1 ) ( 65 ) أسكنوهن من حيث سكنتم من حتى يضعن حملهن إلى قوله ( 65 ) بعد عسر يسرا ( الطلاق 6 - 7 ) ح .
وقوله بالجر أي قول الله تعالى واتقوا الله هذا المقدار من الآية ثبت هنا في رواية الأكثرين وفي رواية النسفي بعد قوله بيوتهن الآية إلى قوله بعد عسر يسرا وفي رواية كريمة ساق الآيات كلها وهي ست آيات أولها من قوله يا أيها النبي إذا طلقتم النساء ( الطلاق1 ) إلى قوله سيجعل الله بعد عسر يسرا ( الطلاق7 ) قوله واتقوا الله ربكم أوله قوله تعالى يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم ( الطلاق1 ) أي خافوا الله ربكم الذي خلقكم ولا تخرجوهن من بيوتهن أي من مساكنهن التي يسكنها وهي بيوت الأزواج وأضيفت إليهن لاختصاصها بهن من حيث السكنى قوله الآية يعني اقرأ الآية إلى آخرها وهي قوله تعالى ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة وتلك حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه لا تدري لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا قوله ولا يخرجن أي من مساكنهن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة قيل هي الزنا فيخرجن لإقامة الحد عليهن وقيل الفاحشة النشوز والمعنى إلا أن يطلقن على نشوزهن فيخرجن لأن النشوز يسقط حقهن في السكنى وقيل إلا أن يبذون فيحل إخراجهن لبذائهن والبذاء بالباء الموحدة والذال المعجمة وبالمد الفحش في الأقوال يقال فلان بذيء اللسان إذا كان أكثر كلامه فاحشا قوله وتلك أي الأحكام المذكورة حدود الله ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه استحق عقاب الله قوله لا ندري أي النفس وقيل لا تدري أنت يا محمد وقيل لا تدري أيها المطلق قوله لعل الله يحدث بعد ذلك أي بعد الطلاق مرة أو مرتين أمرا أي رجعة ما دامت في العدة وهنا آخر الآية