أي هذا باب في بيان الشقاق المذكور في قوله تعالى وإن خفتم شقاق بينهما قال ابن عباس الخوف هنا بمهنى العلم والشقاق بالكسر الخلاف وقيل الخصام قوله هل يشير بالخلع فاعل يشير محذوف وهو إما الحكم من أحد الزوجين أو الولي أو أحد منهما أو الحاكم إذا ترافعا إليه والقرينة الحالية والمقالية تدل على ذلك قوله عند الضرورة وعند النسفي للضرر أي لأجل الضرر الحاصل لأحد الزوجين أو لهما .
وقوله تعالى ( 4 ) وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله إلى قوله ( 4 ) خبيرا ( النساء 53 ) .
وقوله بالجر عطف على الشقاق المجرور بالإضافة وفي بعض النسخ وقول الله تعالى وعند أبي ذر والنسفي وقوله تعالى وإن خفتم شقاق بينهما الآية وزاد غيرهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إلى قوله خبيرا قوله وإن خفتم الخطاب للحكام وشقاق مضاف إلى قوله بينهما على طريق الاتساع كما في قوله تعالى بل مكر الليل والنهار ( سبأ33 ) والضمير يرجع إلى الزوجين ولم يجر ذكرهما لجري ذكر ما يدل عليهما وهو الرجال والنساء وقال ابن بطال المراد بقوله إن يريد إصلاحا الحكمان وإن الحكمين يكون أحدهما من جهة الرجل والآخر من جهة المرأة إلا أن لا يوجد من أهلهما من يصلح فيجوز أن يكون من الأجانب ممن يصلح لذلك وأنهما إذا اختلفا لم ينفذ قولهما وإن اتفقا نفذ في الجميع بينهما من غير توكيل .
واختلفوا فيما إذا اتفقا على الفرقة فقال مالك والأوزاعي وإسحاق ينفذ من غير توكيل ولا إذن من الزوجين وقال الكوفيون والشافعي وأحمد يحتاجان إلى الإذن لأن الطلاق بيد الزوج فإن أذن في ذلك وإلا فالحاكم طلق عليه وذكر ابن أبي شيبة عن علي رضي الله تعالى عنه قال الحكمان بهما يجمع الله وبهما يفرق وقال الشعبي ما قضى الحكمان جاز وقال أبو سلمة الحكمان إن شاءا جمعا وإن شاءا فرقا وقال مجاهد نحوه وعن الحسن إذا اختلفا جعل غيرهما وإن اتفقا جاز حكمهما وسئل عامر عن رجل وامرأة حكما رجلا ثم بدا لهما أن يرجعا فقال ذلك لهما ما لم يتكلما فإذا تكلما فليس لهما أن يرجعا وقال مالك في الحكمين يطلقان ثلاثا قال تكون واحدة وليس لهما الفراق بأكثر من واحدة بائنة وقال ابن القاسم يلزم الثلاث إن اجتمعا عليه وقال المغيرة وأشهب وابن الماجشون وإصبغ وقال ابن المواز إن حكم أحدهما بواحدة والآخر بثلاث فهي واحدة وحكى ابن حبيب عن إصبغ أن ذلك ليس بشيء .
23 - ( حدثنا أبو الوليد حدثنا الليث عن ابن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة الزهري قال سمعت النبي يقول إن بني المغيرة استأذنوا في أن ينكح علي ابنتهم فلا آذن ) .
قال ابن التين ليس في الحديث دلالة على ما ترجم أراد أنه لا مطابقة بين الحديث والترجمة وعن المهلب حاول البخاري بإيراده أن يجعل قول النبي فلا آذن خلعا ولا يقوى ذلك لأنه قال في الخبر إلا أن يريد ابن أبي طالب أن يطلق ابنتي فدل على الطلاق فإن أراد أن يستدل بالطلاق على الخلع فهو ضعيف وقيل في بيان المطابقة بين الحديث والترجمة بقوله يمكن أن تؤخذ من كونه أشار بقوله فلا آذن إلى أن عليا رضي الله تعالى عنه يترك الخطبة فإذا ساغ جواز الإشارة بعدم النكاح التحق به جواز الإشارة بقطع النكاح انتهى وأحسن من هذا وأوجه ما قاله الكرماني بقوله أورد هذا الحديث هنا لأن فاطمة رضي الله تعالى عنها ما كانت ترضى بذلك وكان الشقاق بينها وبين علي رضي الله تعالى عنه متوقعا فأراد دفع وقوعه انتهى وقيل يحتمل أن يكون وجه المطابقة من باقي الحديث وهو إلا أن يريد علي أن يطلق ابنتي فيكون من باب الإشارة بالخلع وفيه تأمل وأبو الوليد هشام بن عبد الملك الطيالسي وابن أبي مليكة هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي ملكية واسمه زهير المكي القاضي على عهد ابن الزبير والمسور بكسر الميم ابن مخرمة بفتح الميمين الزهري وهذا قطعة من حديث في خطبة علي رضي الله تعالى عنه بنت أبي جهل وقد مر في كتاب النكاح في باب ذب الرجل عن ابنته فإنه أخرجه هناك عن قتيبة عن الليث عن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة إلى آخره ومضى الكلام فيه هناك