خرجن لا يظهرن شخصهن كما فعلت حفصة يوم مات أبوها سترت شخصها حين خرجت وزينب عملت لها قبة لما توفيت وكان لهن في التستر عند قضاء الحاجة ثلاث حالات الأولى بالظلمة لأنهن كن يخرجن بالليل دون النهار كما قالت عائشة Bها في هذا الحديث كن يخرجن بالليل وسيأتي في حديث عائشة في قصة الإفك فخرجت معي أم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا وكنا لا نخرج إلا ليلا الحديث ثم نزل الحجاب فتسترن بالثياب لكن ربما كانت أشخاصهن تتميز ولهذا قال عمر رضي الله تعالى عنه قد عرفناك يا سودة وهذه هي الحالة الثانية ثم لما اتخذت الكنف في البيوت منعن عن الخروج منها وهي الحالة الثالثة فدل عليه حديث عائشة Bها في قصة الإفك فإن فيها وذلك قبل أن تتخذ الكنف وكانت قصة الإفك قبل نزول آية الحجاب والله أعلم قوله سودة بنت زمعة بالزاي والميم والعين المهملة المفتوحتين وقال ابن الأثير وأكثر ما سمعنا من أهل الحديث والفقهاء يقولونه بسكون الميم ابن قيس القريشية العامرية أسلمت قديما وبايعت وكانت تحت ابن عم لها يقال له السكران بن عمرو أسلم معها وهاجرا جميعا إلى الحبشة فلما قدم مكة مات زوجها فتزوجها النبي ودخل بها بمكة وذلك بعد موت خديجة قبل عائشة Bهما وهاجرت إلى المدينة فلما كبرت أراد طلاقها فسألته أن لا يفعل وجعلت يومها لعائشة فأمسكها روي لها خمسة أحاديث أخرج البخاري منها حديثين توفيت آخر خلافة عمر Bه وقيل زمن معاوية سنة أربع وخمسين بالمدينة قوله فأنزل الله الحجاب وفي رواية المستملي فأنزل الله آية الحجاب وزاد أبو عوانة في صحيحه من طريق الزبيدي عن ابن شهاب فأنزل الله الحجاب ( يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي ) الآية وقال الكرماني الحجاب أي حكم الحجاب يعني حجاب النساء عن الرجال فأنزل الله آية الحجاب ويحتمل أن يراد بآية الحجاب الجنس فيتناول الآيات الثلاث قوله تعالى ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ) الآية وقوله تعالى ( وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ) وقوله تعالى ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ) الآية وأن يراد به العهد من واحدة من هذه الثلاث قلت رواية أبي عوانة المذكورة فسرت المراد من آية الحجاب صريحا كما ذكرنا وسبب نزولها قصة زينب بنت جحش لما أولم عليها وتأخر النفر الثلاثة في البيت واستحيى النبي E أن يأمرهم بالخروج فنزلت آية الحجاب وسيأتي في تفسير الأحزاب وسيأتي أيضا حديث عمر رضي الله تعالى عنه قلت يا رسول الله إن نساءك يدخلن عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب وروى ابن جرير في تفسيره من طريق مجاهد قال بينا النبي E يأكل ومعه بعض أصحابه وعائشة تأكل معهم إذ أصابت يد رجل منهم يدها فكره النبي E ذلك فنزلت آية الحجاب فإن قلت ما طريقة الجمع بين هذه قلت أسباب نزول الحجاب تعددت وكانت قصة زينب آخرها للنص على قصتها في الآية وقال التيمي الحجاب هنا استتارهن بالثياب حتى لا يرى منهن شيء عند خروجهن وأما الحجاب الثاني فهو إرخاؤهن الحجاب بينهن وبين الناس قلت رواية أبي عوانة تخدش هذا الكلام على ما لا يخفى ثم اعلم أن الحجاب كان في السنة الخامسة في قول قتادة وقال أبو عبيد في الثالثة وقال ابن إسحق بعد أم سلمة وعند ابن سعيد في الرابعة في ذي القعدة .
( بيان استنباط الأحكام ) الأول قال ابن بطال فيه مراجعة الأدون للأعلى في الشيء الذي يتبين له الثاني فيه فضل المراجعة إذا لم يقصد بها التعنت فإنه قد يتبين فيها من العلم ما خفي فإن نزول الآية وهي قوله تعالى ( يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين ) الآية كان سببه المراجعة الثالث فيه فضل عمر رضي الله تعالى عنه فإن الله تعالى أيد به الدين وقال الكرماني وهذه من إحدى الثلاث التي وافق فيها نزول القرآن قلت هذه إحدى ما وافق فيها ربه والثانية في قوله ( عسى ربه أن طلقكن ) والثالثة ( واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى ) وهذه الثلاثة ثابتة في الصحيح والرابعة موافقة في أسرى بدر والخامسة في منع الصلاة على المنافقين وهاتان في صحيح مسلم والسادسة موافقته في آية المؤمنين وروى أبو داود الطيالسي في مسنده من حديث علي بن زيد وافقت ربي لما نزلت ( ثم أنشأناه خلقا آخر ) فقلت أنا ( تبارك الله أحسن الخالقين ) فنزلت والسابعة موافقته في تحريم الخمر كما سيأتي في موضعه إن شاء الله تعالى والثامنة موافقته