حديث معقل بن أبي معقل نهى رسول الله E أن تستقبل القبلتين ببول أو غائط أخرجه ابن ماجه وأبو داود وأراد بالقبلتين الكعبة وبيت المقدس ويحتمل أن يكون على معنى الاحترام لبيت المقدس إذ كان مرة قبلة لنا ويحتمل أن يكون ذلك من أجل استدبار الكعبة لأن من استقبله فقد استدبر الكعبة ومنها حديث سلمان رضي الله تعالى عنه لقد نهانا أن نستقبل القبلة بغائط أو بول الحديث أخرجه مسلم والأربعة ومنها حديث أبي هريرة إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها الحديث أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه فإن قلت حديث أبي أيوب في إسناده اختلاف فرواه إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عبد الرحمن بن يزيد بن حارثة عن أبي أيوب وقيل عن إبراهيم عن الزهري عن رجل عن أبي أيوب ورواه أيوب بن أبي تميمة عن الزهري عن رجلين لم يسمهما عن أبي أيوب وأرسله نافع بن عمر الجمحي عن الزهري عن النبي قلت رواه عن أبي أيوب جماعة منهم رافع بن إسحق وعمر بن ثابت وأبو الأحوص وعبد الرحمن بن يزيد بن حارثة وعن الزهري ابن أبي ذئب ومعمر ويونس وابن أخي الزهري والنعمان بن راشد وسليمان بن كثير وعبد الرحمن بن إسحق وأبو سعيد الخدري ومحمد بن أبي حفصة ويزيد بن أبي حبيب وعقيل وقال الدارقطني والقول قول ابن أبي ذئب ومن تابعه وفي مسند الحميدي تصريح الزهري بسماعه إياه من عطاء وعطاء من أبي أيوب رضي الله تعالى عنه ثم اعلم أن حاصل ما للعلماء في ذلك أربعة مذاهب أحدها المنع المطلق وقد ذكرناه الثاني الجواز مطلقا وهو قول عروة بن الزبير وربيعة الرأي وداود ورأى أي هؤلاء أن حديث أبي أيوب منسوخ وزعموا أن ناسخه حديث مجاهد عن جابر رضي الله تعالى عنه نهانا رسول الله E أن نستقبل القبلة أو نستدبرها ببول ثم رأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وزعم أنه صحيح على شرط مسلم وقال الترمذي حديث حسن غريب قلت قول الحاكم صحيح على شرط مسلم غير صحيح لأن أبان راويه عن مجاهد عن جابر لم يخرج له مسلم شيئا والحديث حديثه وعليه يدور نعم صححه البخاري فيما سأله الترمذي عنه فقال حديث صحيح ذكره في الخلافيات للبيهقي وتقريب المدارك في الكلام على موطأ مالك فإن قلت قال ابن حزم هذا حديث ضعيف لأنه رواه أبان بن صالح وليس هو المشهور قلت هذا مردود بتصحيح البخاري وغيره وقال يحيى بن معين وأبو زرعة وأبو حاتم ويعقوب بن شيبة والعجلي أبان بن صالح ثقة وقال النسائي كان حاكما بالمدينة وليس به بأس فأي شهرة أرفع من هذه وقال البزار هذا حديث لا نعرفه ويروى عن جابر بهذا اللفظ بإسناد أحسن من هذا الإسناد فإن قلت قال أبو عمر في التمهيد رد أحمد بن حنبل حديث جابر Bه هذا وهو حديث ليس بصحيح فيعرج عليه لأن أبان ضعيف قلت إن أراد بقوله رده أحمد العمل به فمحتمل وإن أراد به الرد الصناعي فغير مسلم لثبوته في مسنده لم يضرب عليه كعادته فيما ليس بصحيح عنده أو مردود على ما بينه الحافظ أبو موسى المديني في خصائص مسنده وأما تضعيفه الحديث بأبان فغير موجه لثبوت توثيقه من الجماعة الذين ذكرناهم وأما قول الترمذي حسن غريب فهو وإن كان جمعا بين الضدين بحسب الظاهر ولكنه لعله أراد تفرد بعض رواته وكأنه يشير إلى أن أبان هو المنفرد به فيما أرى والله أعلم وأما دعوى النسخ المذكور فليست بظاهرة بل هو استدلال ضعيف لأنه لا يصار إليه إلا عند تعذر الجمع وهو ممكن كما سيجيء بيانه إن شاء الله تعالى على أن حديث جابر محمول على أنه رآه في بناء أو نحوه لأن ذلك هو المعهود من حال النبي E لمبالغته في التستر المذهب الثالث أنه لا يجوز الاستقبال في الأبنية والصحراء ويجوز الاستدبار فيهما وهو إحدى الروايتين عن أبي حنيفة رضي الله تعالى عنه الرابع أنه يحرم الاستقبال والاستدبار في الصحراء دون البنيان وبه قال مالك والشافعي وإسحاق وأحمد في رواية وهو مروي عن ابن عباس وابن عمر Bهم واستدلوا بحديث ابن عمر Bهما الآتي ذكره عن قريب إن شاء الله تعالى وهذه المذاهب الأربعة مشهورة عن العلماء ولم يذكر النووي في شرح المذهب غيرها وكذلك عامة شراح البخاري وههنا ثلاثة مذاهب أخرى منها جواز الاستدبار