الإطالة في الوجه بأن يغسل إلى صفحة العنق مثلا الثاني فيه استحباب المحافظة على الوضوء وسننه المشروعة فيه وإسباغه الثالث فيه ما أعد الله من الفضل والكرامة لأهل الوضوء يوم القيامة الرابع فيه دلالة قطعية على أن وظيفة الرجلين غسلهما ولا يجزىء مسحهما الخامس فيه ما أطلع الله نبيه من المغيبات المستقبلة التي لم يطلع عليها نبيا غيره من أمور الآخرة وصفات ما فيها السادس فيه قبول خبر الواحد وهو مستفيض في الأحاديث السابع فيه الدليل على كون يوم القيامة والنشور الثامن فيه جواز الوضوء على ظهر المسجد وهو من باب الوضوء في المسجد وقد كرهه قوم وأجازه آخرون ومن كرهه كرهه لأجل التنزيه كما ينزه عن البصاق والنخامة وحرمة أعلى المسجد كحرمة داخله وممن أجازه في المسجد ابن عباس وابن عمر وعطاء والنخعي وطاوس وهو قول ابن القاسم وأكثر العلماء وكرهه ابن سيرين وهو قول مالك وسحنون وقال ابن المنذر أباح كل من يحفظ عنه العلم الوضوء فيه إلا ان يبله ويتأذى به الناس فإنه يكره وصرح جماعة من الشافعية بجوازه فيه وأن الأولى أن يكون في إناء قال البغوي ويجوز نضحه بالماء المطلق ولا يجوز بالمستعمل لأن النفس تعافه وقال أصحابنا الحنفية يكره الوضوء في المسجد إلا أن يكون في موضع منه قد أعد له التاسع استدل به جماعة من العلماء على أن الوضوء من خصائص هذه الأمة وبه جزم الحليمي في منهاجه وفي الصحيح أيضا لكم سيماء ليست لأحد من الأمم تردون علي غرا محجلين من أثر الوضوء وقال الآخرون ليس الوضوء مختصا بهذه الأمة وإنما الذي اختصت به الغرة والتحجيل وادعوا أنه المشهور من قول العلماء واحتجوا بقوله هذا وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي وأجاب الأولون عن هذا بوجهين أحدهما أنه حديث ضعيف والآخر أنه لو صح لاحتمل اختصاص الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في هذه الخصوصية وامتازت بالغرة والتحجيل ولكن ورد في حديث جريج كما سيأتي في موضعه أنه قام فتوضأ وصلى ثم كلم الغلام وثبت أيضا عند البخاري في قصة سارة عليها السلام مع الملك الذي أعطاها هاجر أن سارة لما هم الملك بالدنو منها قامت تتوضأ وتصلي وفيهما دلالة على أن الوضوء كان مشروعا لهم وعلى هذا فيكون خاصة هذه الأمة الغرة والتحجيل الناشئين عن الوضوء لا أصل الوضوء ونقل الزناتي المالكي شارح الرسالة عن العلماء أن الغرة والتحجيل حكم ثابت لهذه الأمة من توضأ منهم ومن لم يتوضأ كما قالوا لا يكفر أحد من أهل القبلة كل من آمن به من أمته سواء صلى أو لم يصل وهذا نقل غريب وظاهر الأحاديث يقتضي خصوصية ذلك لمن توضأ منهم وفي صحيح ابن حبان يا رسول الله كيف تعرف من لم يرك من أمتك قال غر محجلون بلق من آثار الوضوء .
( باب لا يتوضأ من الشك حتى يستيقن ) .
أي هذا باب وهو منون غير مضاف قوله لا يتوضأ بفتح أوله على البناء للفاعل وكلمة من للتعليل أي لأجل الشك كما في قوله تعالى ( مما خطاياهم اغرقوا ) وقول الشاعر .
( وذلك من نبأ جاءني .
) .
الشك في اللغة خلاف اليقين واليقين العلم وزوال الشك قاله الجوهري وغيره وفي اصطلاح الفقهاء الشك فيه ما يستوي فيه طرف العلم والجهل وهو الوقوف بين الشيئين بحيث لا يميل إلى أحدهما فإذا قوي أحدهما وترجح على الآخر ولم يأخذ بما ترجح ولم يطرح الآخر فهو ظن وإذا عقد القلب على أحدهما وترك الآخر فهو أكبر الظن وغالب الرأي ويقال الشك ما استوى فيه طرفا العلم والجهل فإذا ترجح أحدهما على الآخر فالطرف الراجح ظن والطرف المرجوح وهم قوله حتى يستيقن أي حتى يتيقن يقال يقنت الأمر بالكسر يقينا وأيقنت واستيقنت وتيقنت كله بمعنى فإن قلت ما وجه المناسبة بين البابين قلت من حيث اشتمال كل واحد منهما على حكم من أحكام الوضوء أما الأول فلأنه في فضل الوضوء وهو حكم من أحكامه وأما الثاني فلأنه في حكم الوضوء الذي يقع فيه الشك ولا يؤثر فيه ما لم يحصل اليقين فتناسبا من حيث أن كلا منهما حكم من أحكام الوضوء وإن كانت الجهة مختلفة .
3 - ( حدثنا علي قال حدثنا سفيان قال حدثنا الزهري عن سعيد بن المسيب وعن عباد بن تميم عن عمه أنه شكا إلى رسول الله الرجل الذي يخيل إليه أنه يجد الشيء في الصلاة فقال لا ينفتل أو لا ينصرف حتى يسمع صوتا أو يجد ريحا )