ثم دخل رسول الله بعائشة بالسنح في منزل أبي بكر وكان بعد الهجرة بسبعة أشهر أو ثمانية أشهر واختلفوا في سنها يومئذ فقال الواقدي كانت بنت ست سنين وعن ابن عباس سبع سنين والأصح أنها كانت بنت تسع سنين لأنه تزوجها قبل الهجرة بثلاث سنين وتوفي رسول الله وهي بنت ثمان عشرة سنة واختلفوا في أي شهر دخل بها فذكر البلاذري أنه في رمضان وعن ابن إسحاق والطبري في ذي القعدة بعد مقدمه المدينة بثمانية أشهر والأصح أنه في شوال لما روى مسلم وأحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه عن عائشة قالت تزوجني رسول الله في شوال وبنى بي في شوال الحديث قوله وبنائه بها أي وفي بيان بناء النبي بعائشة وقد اعترض على البخاري بأن الجوهري قال العامة تقول بنى بأهله وهو خطأ وإنما يقال بنى على أهله ورد على المعترض بأن الفصحاء استعملوه بالباء والدليل عليه قول عائشة بنى بي في شوال وسيأتي قول عروة في آخر الحديث وبنى بها والأصل في هذا أن الداخل على أهله يضرب عليه قبلة ليلة الدخول ثم قيل لكل داخل بأهله بان .
377 - ( حدثني فروة بن أبي المغراء حدثنا علي بن مسهر عن هشام عن أبيه عن عائشة Bها قالت تزوجني النبي وأنا بنت ست سنين فقدمنا المدينة فنزلنا في بني الحارث بن خزرج فوعكت فتمرق شعري فوفي جميمة فأتتني أمي أم رومان وإني لفي أرجوحة ومعي صواحب لي فصرخت بي فأتيتها لا أدري ما تريد بي فأخذت بيدي حتى أوقفتني على باب الدار وإني لأنهج حتى سكن بعض نفسي ثم أخذت شيئا من ماء فمسحت به وجهي ورأسي ثم أدخلتني الدار فإذا نسوة من الأنصار في البيت فقلن على الخير والبركة وعلى خير طائر فأسلمتني إليهن فأصلحن من شأني فلم يرعني إلا رسول الله ضحى فأسلمتني إليه وأنا يومئذ بنت تسع سنين ) .
مطابقته للترجمة ظاهرة لأنه مشتمل على تزوجه إياها وبنائه بها وفروة بفتح الفاء وسكون الراء ابن أبي المغراء بفتح الميم وسكون الغين المعجمة وبالراء وبالمد أبو القاسم الكندي الكوفي وهشام هو ابن عروة يروي عن أبيه عروة ابن الزبير رضي الله تعالى عنه والحديث أخرجه ابن ماجة في النكاح عن سويد بن سعيد عن علي بن مسهر قوله فقدمنا المدينة قد ذكرنا قدومها عن قريب قوله فوعكت على صيغة المجهول أي حميت من الوعك وهي الحمى قوله فتمرق بالراء وفي رواية الكشميهني أي انتتف وفي رواية غيره بالزاي أي تقطع قوله فوفى بالفاء أي كثر وفيه حذف تقديره فنصلت من الوعك فنبر بي شعري فوفي قوله جميمة بالرفع فاعل وفي وقال ابن الأثير ومنه حديث عائشة حين بنى بها رسول الله قالت وفت لي جميمة أي كثرت والجميمة بالجيم مصغر الجمة بتشديد الميم والجمة من شعر الرأس ما سقط على المنكبين وإذا كان إلى شحمة الأذنين يسمى وفرة قوله أم رومان عطف بيان لقولها أمي وهي كنية أم عائشة واسمها زينب بنت عامر بن عويمر قاله الذهبي وقال أبو عمر أم رومان يقال بفتح الراء وضمها بنت عامر ولم يذكر لها اسما ماتت في حياة النبي سنة ست من الهجرة فنزل النبي قبرها واستغفر لها وقال اللهم لم يخف عليك ما ألقيت أم رومان فيك وفي رسولك قوله لفي أرجوحة بضم الهمزة وإسكان الراء وضم الجيم وبالحاء المهملة نوع لعب للصبيان يطفرون به بين الجذعين بحبل وغيره وقال الجوهري ترجحت الأرجوحة بالغلام مالت به قوله لأنهج بالنون أي أتنفس تنفسا عاليا قال الكرماني وأنهج بلفظ المجهول يقال أنهج الرجل إذا غلبه التنفس من الإعياء والنهج تتابع النفس وقال ابن فارس يقال أتانا فلان ينهج أي مبهورا منقطع النفس وقال الهروي أنهج أريد التنفس يقال نهج وأنهج وقال أبو عبيد لا يقال نهج قوله وعلى خير طائر أي قدمت على خير قال وقيل على خير حظ ونصيب قوله فلم يرعني بضم الراء وسكون العين المهملة أي لم يفاجئني وإنما يقال ذلك في الشيء لا تتوقعه فيهجم عليك في غير زمانه أو مكانه ويقال معناه لم يفزعني شيء إلا دخوله علي وكنت