بهذا وقال تغلي منه أم دماغه ) .
هذا طريق آخر عن إبراهيم بن حمزة أبي اسحق الربيري الأسدي المديني وهو من أفراده وابن أبي حازم هو عبد العزيز بن أبي حازم واسمه سلمة بن دينار والدراوردي هو عبد العزيز بن محمد روى له البخاري مقرونا بغيره هنا وفي مواضع وروى له مسلم وكلاهما يرويان عن يزيد بن الهاد المذكور في الحديث السابق قوله بهذا أي بالحديث المذكور ولفظه تغلي منه أم دماغه أي أصل دماغه وقال الدراوردي المراد أم رأسه وأطلق على الرأس الدماغ من تسمية الشيء بما يقاربه وجاء في الرقاق من حديث النعمان بن بشير نحوه وفي آخره كما يغلي المرجل بالقمقم والمرجل بكسر الميم وفتح الجيم الإناء الذي يغلي فيه الماء وغيره والقمقم بضم القافين وسكون الجيم الأولى معروف وهو الذي يسخن فيه الماء قال ابن الأثير كذا وقع كما يغلي المرجل والقمقم وهذا أوضح إن صحت الرواية وقيل يحتمل أن تكون الباء بمعنى مع وقيل القمقم هو البسر كانوا يغلونه على النار استعجالا لنضجه فإن ثبت هذا فلا يبقى إشكال وفيه دليل على أن العذاب متفاوت وجاء في رواية ابن إسحاق أهون أهل النار عذابا من ينتعل نعلين من نار يغلي منهما دماغه حتى يسيل على قدميه .
( باب حديث الإسراء ) .
أي هذا باب في بيان ما جاء في حديث الإسراء من القرآن والحديث .
( وقول الله تعالى سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ) .
وقول الله بالجر عطف على حديث الإسراء قوله سبحان علم للتسبيح كعثمان علم للرجل وأصله للتنزيه والمعنى أسبح الله الذي أسرى بعبده أي أنزهه من جميع النقائص والعيوب قوله بعبده والمراد به النبي وإنما لم يقل برسوله أو نبيه إشارة إلى أنه مع هذا الإكرام الذي أكرمه الله تعالى وهذا التعظيم الذي عظمه الله به هو عبده ومخلوقه لئلا يتغالوا فيه كما تغالت النصارى في المسيح حيث قالوا أنه ابن الله وكما تغالى طائفة من اليهود في عزير E حيث قالوا أنه ابن الله تعالى وتعظم أن يكون له ابن بل هو واحد أحد فرد صمد ليس بأب ولا بابن قوله أسرى مأخوذ من السرى وهو سير الليل يقال أسرى وسرى إذا سار ليلا وكلاهما بمعنى واحد عند الأكثرين وقال الحوفي أسرى سار ليلا وسرى سار نهار وقيل أسرى سار من أول الليل وسرى سار من آخره ومعنى أسرى به أي جعل البراق ساريا به من المسجد الحرام وهو مسجد مكة إلى المسجد الأقصى وهو مسجد بيت المقدس قوله ليلا ظرف للإسراء وهو للتأكيد وفائدته دفع توهم المجاز لأن الإسراء قد يطلق على سير النهار كما ذكرناه ويقال هو إشارة إلى أن ذلك وقع في بعض الليل لا في جميعه والعرب تقول أسرى فلان ليلا إذا سار بعضه وسرى ليله إذا سار جميعه فإن قلت ما الحكمة في إسرائه إلى بيت المقدس ثم إلى السموات فهلا أسري به من المسجد الحرام إلى السموات قلت ليجمع في تلك الليلة بين رؤية القبلتين أو لأن بيت المقدس كان هجرة غالب الأنبياء قبله فرحل إليه ليجمع بين أشتات الفضائل أو لأنه محل المحشر وغالب ما اتفق له في تلك الليلة يناسب الأحوال الأخروية وكان الإسراء إليه فإن قلت هل كانت ليلة الإسراء هي ليلة المعراج أيضا أو هما متغايرتان قلت قال ابن دحية مال البخاري إلى أنهما متغايرتان لأنه أفرد لكل منهما ترجمة ورد عليه بأنه لا دلالة في ذلك على التغاير عنده بل كلامه في أول الصلاة ظاهر في اتحادهما لأنه ترجم باب كيف فرضت الصلاة ليلة الإسراء والصلاة إنما فرضت في المعراج فدل على اتحادهما عنده قلت فيه تأمل واختلف السلف في هذا فمنهم من ذهب إلى أنهما وقعا في ليلة واحدة في اليقظة بجسده وروحه بعد المبعث وهذا مذهب الجمهور من علماء المحدثين والفقهاء والمتكلمين ومنه من ذهب إلى أن الإسراء كان في ليلة والمعراج في ليلة ومنهم من ذهب إلى أن ذلك كله وقع مرتين مرة في المنام توطئة وتمهيدا ومرة ثانية في اليقظة فقالوا الإسراء في اليقظة والمعراج في المنام والذين قالوا الإسراء